التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا

بقلم :
قريبا

العودة   منتديات تيرا الحب > فن وثقافه > عالم الفنانين واخبارهم

عالم الفنانين واخبارهم .كل مايختص بالفن الخليجي والعربي والغربي وجديد أخبار الممثلين ونجوم الفن والسينما والتلفزيون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-11-2011, 04:43 AM

أبتسامة أمل غير متواجد حالياً
اوسمتي
البرونزي 
لوني المفضل Darkgreen
 رقم العضوية : 543
 تاريخ التسجيل : Aug 2010
 فترة الأقامة : 4995 يوم
 أخر زيارة : 01-29-2024 (11:03 PM)
 المشاركات : 8,275 [ + ]
 التقييم : 5309
 معدل التقييم : أبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
عدد الترشيحات : 4
عدد المواضيع المرشحة : 2
رشح عدد مرات الفوز : 2
شكراً: 861
تم شكره 1,107 مرة في 612 مشاركة
Hart1 الفنانة الكبيرة المعتزلة شادية



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اليوم حابة اعرفكم على فنانة انا بصراحة بمووووووووت فيها فنانة قدمت كتير للسينما العربية
ووصلت للقمة


شـــــــــــــــــاديــــــــــــــة



شادية الفنانة والانسانة... وبينهما شريط طويل مليء بالتفاصيل...
-------------------------------------------------------------------------

شادية الفنانة التي سكنت قلوب الناس...واصبحت فتاة احلامهم التي تداعب بخفتها ورقتها ومرحها أوتار القلوب... هي نفسها شادية التي غادرت دنيا الفن واكتفت بما قدمته... وراحت تبحث لروحها عن خلاص آخر... لكنها أيضا سكنت قلوب الناس....

حيويتها وخفتها وروحها المنفتحة لم تكن مجرد ادوات تستجمعها عندما تقف امام الكاميرا... وانما خصوصيات شخصيتها التي تضيفها من داخلها على الشخصيات التي تجسدها فتبعث فيها الحياة تماماً كما كانت تفيض بها على من حولها فتجذبهم وتدهشهم وتجمعهم على صوتها...

شادية في الفن كما في الحياة تماما... قصة ألم ومعاناة بدأت مبكرا عندما فقدت حبها الاول العام 1948 في حرب فلسطين... فأفنت تلك الفتاة الصغيرة نحيلة القوام... دائمة الابتسام حياتها في الفن... وظلت طوال نصف قرن تذيب احزانها في سعادة الناس... التي احبتها فعلقوا صورها في غرف نومهم وأسموها «ببنوتة السينما» «دلوعة الشاشة» «المتحدثة الرسمية باسم المراهقات» و«صوت مصر»....

اما شادية الانسانة فانها قصة معاناة تتحرك على قدمين... تزوجت عماد حمدي وفشل زواجها... واحبت صلاح ذوالفقار بجنون لكنه طلقها... وحلمت ليالي طويلة بطفل يملأ عليها حياتها... لكن الله اراد ان يحرمها من نعمة الأمومة....

حتى في قرار اعتزالها الذي جاء فجأة بعد ان صعدت قمة هرم الشهرة والنجومية... كانت فريدة ومختلفة... فكما صنعت نجاحها تنبأت باعتزالها في آخر اغانيها «خد بايدي» التي كانت مناجاة إيمانية تتوق فيها الى عالم التدين والصوفية والصفاء....

ولأن شادية الحياة والفن عندها لا فرق... لم تشأ ان تحرق ماضيها... أو تتبرأ منه... ولم تحاول ان تمحوه... وإنما تركت صوتها «يرن» في أذن كل مصري وعربي وتركت صورتها الجميلة تطالع عيونهم وتؤنسهم... لتبقى كما ارادت هي جميلة... فريدة... محبوبة... ومختلفة ولتبقى حتى بعد اعتزالها وغيابها «معبودة الجماهير»....



لولا صدمة فقدها لحبها الأول، ما اصبحت فاطمة شاكر يوماً من الأيام تلك النجمة التي ملأت الدنيا فناً، غناء وتمثيلاً، ولو لم تفقد حبيبها الضابط الأسمر «فتحي» في أولى حروب العرب مع اسرائيل العام 1948 ما كانت شادية قد ظهرت... ولظلت فاطمة شاكر كماهي، ولكانت اصبحت ربة منزل عادية كباقي السيدات، انها احدى المفارقات الغريبة في حياة شادية,,, التي تستحق ان يطلق عليها نجمة «الاختلاف».



في اليوم الذي خرجت فيه «فاطمة» بمساعدة شقيقتها عفاف للقاء الضابط الأسمر «فتحي» الذي كانت التقته في احد الأفراح وانطلقت شرارة الحب بينهما من النظرة الأولى، والمصافحة الأولى عادت الى البيت لتجد مفاجأة في انتظارها، لقد وقعت على اذنيها كلمات قالها والدها، فشعرت بالخجل والخوف والسعادة في الوقت نفسه سألها والدها:

ما اخبار ضابطنا المتيم؟
نزل السؤال على مسامعها كالماء المثلج، فلم تستطع ان تنطق بكلمة، وخافت من والدها، وحاولت الهرب، لكنه لاحقها، وظل معها، يحاول ان ينتزع منها كلمة، وبينما هي متجهة الى حجرتها تبعها والدها قائلاً:

لقد ارسل لي خطاباً يطلب تحديد موعد لطلب يدك.

جرت الى غرفتها دون ان تنطق بكلمة، واعتبر والدها سكوتها والابتسامة التي لمعت في عينيها دليلاً على موافقتها، فرد بالموافقة على الضابط الذي كان ينتظر بلهفة هذا الرد.

فارس كل الاحلام
-------------------
وبتفكير الفتاة في مثل هذه السن المبكرة نسيت فاطمة شاكر «شادية» موضوع الفن الذي رفضت من اجله الزواج مرتين، واختزلت كل احلامها في هذا الشاب الأسمر، الذي اصبح كل حياتها، لدرجة انها وافقت بلا تردد على طلبه بأن تترك الفن، وتتفرغ لحياتها الزوجية.

فقد كان الشاب الأسمر بذل جهداً كبيراً لاقناع اسرته بمبدأ الزواج من فنانة، بعد ان تعهد امام الجميع بأن يجعلها تعتزل وتترك الغناء في الافراح نهائياً، ومن فرط حبها له لم تجادله في هذا الشرط، الذي لا يمكن ان تقبله فنانة ترسم ملامح بداية الطريق، وتخطط لجعل الفن هدفها الذي تسعى بكل طاقتها لتحقيقه،

وتركت «شادية» الغناء، كما تركت التمثيل الذي كانت قطعت فيه اولى خطواتها بفيلم «العقل في اجازة» مع محمد فوزي العام 1947.

انطلقت زغاريد الفرح في منزل المهندس كمال الدين شاكر تعلن خطبة ابنته «فاطمة» للضابط «فتحي» الذي تخرج في الكلية الحربية منذ ايام، لكن القدر كان ادخر لها مفاجأة اخرى، لكنها لم تكن مفاجأة سعيدة هذه المرة.
استدعي الضابط «فتحي» للمشاركة في حرب فلسطين عام 1948 لكن ال**** الصغيرة شعرت باللوعة والانقباض الذي ترجمته الى دموع استعطاف، لكن لم يكن أمامه إلا ان يرضخ للأمر العسكري، ويذهب الى ساحة القتال.

الرسالة الأخيرة
----------------

ذهب «فتحي» الى جبهة القتال، واوصته ان يكتب لها دائماً ويشرح لها كل صغيرة وكبيرة، كما كان يفعل عندما كان يدرس بالكلية الحربية، لكن مرت الأيام طويلة دون ان تتلقى رسالة واحدة يحكي لها فيها ما يحدث على جبهة القتال، ويخفف عنها وحدتها، لكن وصلتها رسالة اخرى،

رسالة وحيدة،... لم يكتبها بنفسه وانما كتبت بمعرفة قيادة الجيش المصري في فلسطين.

جاءت الرسالة الأليمة في مظروف اصفر يحمل اختام القوات المسلحة، ويحمل ايضا أسوأ نبأ يمكن ان تسمعه فتاة عن شخص تحبه، وتربطها به علاقة خطوبة،

مات «فتحي» شهيداً في ساحة القتال،
وما اقسى الخبر الذي قرأه عليها والدها وهي في حالة ذهول تام.



ومنذ ذلك اليوم اصيبت «فاطمة» بحالة هستيريا،...

وسكتت تماماً عن الكلام، ولم تعد تتحدث مع احد، واغلقت على نفسها باب حجرتها، وطوت نفسها على احزانها،

ونصح الطبيب والدها بتغيير المسكن، فانتقلت الأسرة الى حي الزمالك.

ومرت الأيام، وحاولت (((تحية كاريوكا))) اعادة شادية الى عملها بالغناء مرة اخرى، لكن حدث ما لم يكن متوقعاً فوجئ الجميع بغياب الصوت الجميل، فتقرر سفرها الى لندن للعلاج،

وهناك استعادت نبرات صوتها الجميل، وعادت الى مصر تحمل احزانها التي حاولت ان تذيبها في اسعاد الناس، وان تغرقها في العمل، فهو العلاج الوحيد.

عاشت شادية بعد ذلك تغالب احزانها وتحاول النسيان، وتداوي جراح القلب بالعمل، الى ان ظهر في حياتها فارس جديد العام 1952.


عودة الى الفن
----------------


نعود هنا الى الحديث الذي انقطع عن بدايات شادية الفنية، فبعد المسابقة التي دخلتها ونجحت فيها، وكانت الأولى في الترتيب على ثلاثمائة متسابق العام 1947، وشاركت فيها اختها «عفاف شاكر»، وكمال الشناوي،

سارع المخرج احمد بدرخان الى التعاقد معها لمدة خمس سنوات من خلال عقد احتكار يدفع بموجبه لها 25 جنيهاً شهرياً.

ومرت شهور طويلة من دون ان ينفذ احمد بدرخان شيئاً من عقد الاحتكار، وفي ذلك الوقت كان المخرج حلمي رفلة قرر دخول ميدان الاخراج السينمائي بفيلم يحمل اسم «العقل في اجازة» للمطرب محمد فوزي الذي انتج الفيلم ووقع الاختيار على شادية للقيام بالبطولة النسائية الثانية مع ليلى فوزي.

وكانت شادية استبقت هذا الفيلم بدخول شاشة السينما من باب ضيق فقد بدأت بدور صغير في فيلم «أزهار واشواك» العام 1946، ومع ذلك فإن بدايتها اهلتها لتكون نجمة وبطلة منذ البداية.
ولهذا الفيلم قصة،

فقد كانت المطربة اللبنانية ...(أمل شوقي)... سجلت احدى أغنيات الفيلم، ثم عادت الى لبنان، واحتاج الأمر الى ممثلة بديلة تقف امام الكاميرا وتحرك شفتيها فقط لتصوير الأغنية المسجلة بطريقة الدوبلاج، ووقع الاختيار على شادية لتقوم بدور البديلة، وكانت الأغنية قصيدة من نظم الشاعر محمود السيد شعبان، ولحن حسين حلمي المهندس ومطلعها: «أين من تسمو بها روحي في أفق سمائي».

وعلى العكس من ذلك سجلت شادية أغنية بصوتها فقط في فيلم «المتشردة» الذي اخرجه ايضاً المخرج محمد عبدالجواد لتؤديها سميحة أيوب، الوجه الجديد في ذلك الوقت، بطريقة الدوبلاج،

وهكذا كانت شادية مختلفة في بدايتها ايضاً، فهي التي غنت من دون ان تمثل، ومثلت من دون ان تغني في فيلمين شهدا بدايتها الأولى.

انطلاقة سينمائية
-------------------

اما الفرصة الحقيقية الأولى التي جاءت لشادية، فكانت فيلم «العقل في اجازة» مع محمد فوزي عام 1947، وكانت اختها الكبرى ((عفاف)) سبقتها للظهور في السينما،

وشاهد حلمي رفلة الاختين مجتمعتين ذات مرة، فسأل عفاف: مين ال****ة دي؟

فردت قائلة:
ـ اختي فتوش، اقصد أختي «فاطمة»، واحنا بندلعها باسم «فتوش».

ومنذ ذلك اليوم انحفرت صورة فاطمة في ذهن حلمي رفلة، كما كان صوتها حفر في وجدانه عندما استمع اليها وهي تسجل القصيدة التي غنتها في فيلم «أزهار وأشواك»، ولذلك عندما فاتح المطرب محمد فوزي صديقه المخرج حلمي رفلة في امر انتاج فيلم «العقل في اجازة» وروى له قصته، وقال له ان الفيلم يحتاج ممثلة مطربة، فقال له على الفور:

ـ انا عندي بنت جديدة، وصوتها حلو.

فسأله محمد فوزي:

ـ مين هي؟!

فقال له:

ـ أخت عفاف شاكر الصغيرة.

وهكذا فتحت السينما ابوابها واسعة أمام المطربة الصغيرة الصاعدة فاطمة شاكر، واتيح لها ان تغني وتمثل ايضاً في فيلم العقل في اجازة مع محمد فوزي وليلى فوزي،

وتقاضت اجراً قدره (مئة جنيه)، بعد ان حصلت في فيلم «ازهار واشواك» على (خمسة جنيهات)، وفي فيلم «المتشردة» على (عشرة جنيهات).

وكما كانت شادية فريدة في كل شيء، كان فيلمها الأول فريداً ايضاً،

فهو أول فيلم اخرجه ذلك (الماكيير البارع)، الذي درس في فرسا (حلمي رفلة)، والذي اختارته سيدة الغناء العربي أم كلثوم دون سواه، ليضع لها لمسات الماكياج في كل افلامها،

حتى بعد أن اصبح مخرجاً مشهوراً، وهو أول ماكيير في العالم، وليس في مصر وحدها، ينتقل من مقعده امام المرآة الى ما وراء الكاميرا.

وهذا الفيلم هو ايضاً اول فيلم ينتجه ذلك (المطرب) القادم من طنطا (محافظة الغربية) (محمد عبدالعال حسن حبس الحو)، الذي اشتهر باسم (محمد فوزي)،

واول فيلم يكتبه عميد المسرح العربي (يوسف وهبي)، ولايخرجه او يمثله،

واول فيلم ظهرت فيه المطربة الصغيرة (فاطمة كمال الدين شاكر)، التي حملت بعده اسمها الفني «شادية»،

كما انه اول لقاء لها مع محمد فوزي، الذي اختارها بعد ذلك بطلة في فيلمه «حمامة السلام» بعدان اقتنع بمواهبها في الغناء والتمثيل في فيلم «العقل في اجازة»

وقد عرض فيلم «العقل في اجازة» في سينما رويال بالقاهرة في 12 مايو 1947،

وقدمت شادية فيه دويتو مع محمد فوزي يحمل اسم «وقفوا الخطاب ع الباب يا امه»، كانت بداية رحلتها مع الأغاني الخفيفة التي تميزت بها فيما بعد، واصبحت نجمتها الأولى...


فتوش وفاطمة وشادية :11
-------------------------------------------------------

وبعد «العقل في اجازة» انهالت عقود الأفلام على الممثلة والمطربة الصاعدة، وارتبطت بالكثير من الأعمال الفنية، كان كل ادوارها، رغم اختلافها، تدور في فلك الفتاة البريئة الساذجة، او المراهقة المشاغبة، المرحة خفيفة الظل، لكنها كانت دائماً محدودة الثقافة.

لم تكن شادية حصلت على اكثر من الشهادة الابتدائية، لكن عملها السينمائي، والاذاعي كمطربة، ساعدها في تكوين ملكة ادبية وفنية تتذوق من خلالها ادوارها وألحانها، خاصة وانها تتلمذت على يد كبار المخرجين ومشاهير الزجالين والملحنين.

ومع بدء ظهور الممثلة «فاطمة شاكر» ظهرت مشكلة اسمها الفني، وهناك من اقترح تسميتها «نادية» ومن اقترح اسم «سعادة» وفي هذه الفترة كان المخرج حلمي رفلة عهد بها الى الفنان عبدالوارث عسر لاعدادها لتقديم دورها في فيلم «العقل في اجازة»، وكانت استجابتها سريعة جداً،

فخلال اسبوعين فقط اكد انها تقوم بالالقاء بشكل سليم، كما شهد لها محمد فوزي الذي تولى تدريبها في استديو التسجيل، وقال انها مطربة تملك اذناً موسيقية ممتازة، بعد ان حفظت لحن احلى من الحب، في جلسة واحدة فقط.

اما مشكلة الاسم فحسمها الفنان الكبير عبدالوارث عسر عندما قال «انها شادية للكلمات»، فاختار لها حلمي رفلة اسم شادية، بعد ان كانت هي اختارت لنفسها اسم «هدى» وظهرت به في فيلم «ازهار وأشواك».

وهكذا كان المخرج حلمي رفلة هو صاحب الفضل الأول في ظهور شادية سينمائياً وصاحب الفضل في شهرتها الكبيرة التي تحققت بعد ذلك،

وقد ظلت هي تعترف بهذا الفضل طيلة عملها بالفن، ذلك أنه، والفنان الكبير عبدالوارث عسر هما اللذان تمكنا من اقناع والدها بتركها تتجه الى الفن،

وذلك بعد ان تغيبت اسبوعاً كاملاً في ذروة الاعداد لتصوير فيلم «العقل في اجازة»، وذهب حلمي رفلة وعبدالوارث عسر الى بيتها، ليكتشفا انها اضربت عن الطعام وهددت بالانتحار حتى لا تتزوج من عريس وافق عليه والدها،

وهكذا انطلقت شادية في الفن تعمل بكل طاقتها حتى تنسى احزانها, الى ان صادفها الحب من جديد.

وما أحلاه من أنطلاق

.



بعض من أغانيها

لعيونكم: :11


أمي:

[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..
آه يا اسمراني اللون :

[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..
سيد الحبايب يا ضنايه انت :

[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..
غاب القمر يا ابن عمي :

[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..

و حياة عينيك :
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..
مخاصمني ( التلفون ) :

[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..

يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا :
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]

..
زينة ( مع فريد الأطرش ) :

[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]







كانت شادية تملك روح التحدي التي مكنتها من ان تغالب أحزانها على وفاة حبيبها الاول الضابط «فتحي» الذي فقدته في حرب فلسطين العام 1948، أذابت أحزانها في العمل، وفي اسعاد الناس الذين بدأوا يألفون وجهها وصوتها بعد فيلم «العقل في اجازة»,, ومن ذلك الوقت بدأت شادية تنطلق بشكل جديد.


الى جانب الصدمة الكبيرة التي اثرت في حياة شادية، ودفعتها الى أن تفني حياتها في العمل، تجمعت عوامل عدة ساعدتها في الانطلاق نحو النجومية الى أن أصبحت أبرز نجمات عصرها، وأكثرهن تنوعا سواء في التمثيل الذي امتد نشاطها فيه بتنوع كبير ما بين الكوميديا والافلام الخفيفة الى الدراما والافلام الاجتماعية، وحتى الميلودراما،

فضلا عن عملها مع اغلب نجوم ومخرجي عصرها، أم في الغناء الذي مثلت فيه لونا جديدا متطورا مكنها من النجاح في ظل وجود ام كلثوم وليلى مراد واسمهان وغيرهن من عمالقة الغناء في ذلك الوقت.

وكانت شادية، ومنذ صغرها تحمل عوامل القوة الداخلية وروح التحدي، ففي المرحلة المبكرة، وقبل أن تعرف الطريق الى بطولات السينما، كانت شقيقتها «عفاف شاكر» سبقتها للظهور بنحو خمس سنوات،

وكانت هناك منافسة غير ظاهرة بين الشقيقتين، وكان مجال التنافس هو اغاني ليلى مراد واسمهان،

ثم وجدت عفاف طريقها بعد فشلها في زواجها الاول، من خلال فيلم «احمر شفايف» بطولة الفنان نجيب الريحاني،

وهنا انقلب التنافس الى ما يشبه الغيرة، وتولدت الرغبة لدى فاطمة شاكر «شادية» في ان تصبح نجمة سينمائية ليس مثل اختها فقط، بل وتتفوق عليها ايضا.

مرحلة الإعداد

----------------

وكان سبق ظهور شادية على شاشة السينما ايضا فترة اعداد صمم عليها والدها، قبل ان تبدأ، وقد روت شادية قصة ذلك بنفسها قائلة:

«عندما وافق والدي على اشتغالي بالسينما قرر ان اقضي شهرين متنقلة بين دور السينما لاكوّن فكرة عن التمثيل السينمائي في الافلام المصرية، وكنت قبل هذا القرار لا اشاهد الا عددا قليلا جدا من الافلام، لا يزيد على اصابع اليد الواحدة في كل عام، وذلك لان والدي كان يحتم علي ألا أذهب الى السينما الا بصحبته،7

ولما كانت مشاغله الكثيرة تمنعه من الذهاب ولو مرة واحدة في الاسبوع فإن عدد الافلام التي كنت اشاهدها، كان قليلا جدا,,».

وتضيف: «وإشاع هذا القرار الفرح في نفسي، فمعنى هذا أنني سأقضي الشهرين في جميع دور السينما في الصباح والمساء، فكان برنامجي اليومي هو الذهاب الى دور السينما في حفلاتها الاربع يوميا، ولا أعود الى البيت الا في فترة الظهر لاتناول غداء خفيفا، ثم اعود في المساء لادخل فراشي مرهقة من كثرة ما شاهدته من افلام،

وكان يصحبني الى كل دار سينما أحد أفراد أسرتي، واستطعت خلال هذه الفترة ان اشاهد اكبر عدد من الافلام».

ولم يقتصر اعداد شادية لدخول ميدان العمل السينمائي على مشاهدة الافلام في دور السينما فقط، وانما طلب منها والدها ان تقوم بزيارات لاستديوهات السينما حتى تتعود على وجودها،

تقول شادية:

«كنت اقضي اليوم متنقلة بين استديوهات شارع الهرم، والتقيت هناك بأحد الملحنين الناشئين، ولما عرف أنني وجه جديد سأقوم بأدوار التمثيل والغناء اسمعني لحنا من ألحانه،

ورغم أن ثقافتي الموسيقية في ذلك الوقت لم تمكنني من نقد الألحان من ناحية الموسيقى الا انني أبديت بعض ملاحظات على اللحن صادفت تقديرا كبيرا عند المسؤولين عن الفيلم،

وحاول الملحن الناشئ ان يقلل من رأيي الفني، لكن المخرج استدعى أحد العازفين ليسأله عن نصيب رأيي من الصواب، فأيدني العازف، واستاء الملحن وخرج ليشن عليّ حملة شعواء استمرت سنوات».

وهكذا دائما أعداء النجاح في كل مكان وزمان ولكن ...

بقيت شاديه وذهب الحاقدون

............

النجمة الأولى

---------------

لقد تحولت شادية بموهبتها الفنية غير العادية، وطاقتها الكامنة، واصرارها على الخروج من محنتها الى واحدة من ألمع نجمات السينما،

خصوصا بعد ان شكلت مع كمال الشناوي ثنائيا ناجحا، كما شكلت ثنائيات اخرى مع محمد فوزي وعبدالحليم حافظ ...وفريد الاطرش... وكمال حسني... ومنير مراد... وكارم محمود... وفاتن حمامة....

وقد وجد محمد فوزي في شادية خامة فنية طيبة قابلة للتشكيل، فاختار لها شخصية الفتاة الرقيقة المدللة التي تحلم بالحب حتى تحت ضغط أقسى الظروف، وهي الشخصية ذاتها التي عرفت بها شادية بعد ذلك، وألح على تقديمها فيها باقي مخرجي السينما حتى نهاية الخمسينات،

لاسيما وان محمد فوزي اكمل الصورة السينمائية لها بلون غنائي ناسب سنها وصوتها وشخصيتها الفنية التي طالعتها الجماهير على الشاشة.

صاغ محمد فوزي لشادية الكثير من اغنياتها الاولى، ومن بينها «لقيته وهويته»، «أنا بنت حلوة»، و«متشكرة»، وهو ذات اللون الغنائي الذي ظل يلازم شادية حتى وهي تتعامل مع الملحنين الاخرين مثل محمود الشريف في «حبينا بعضنا» و«يا حسن يا خولي الجنينة»، واحمد صدقي في «الشمس بانت» ومنير مراد في «واحد اثنين»، «يا سارق النوم من عيني»، «يا دبلة الخطوبة»، «مكسوفة»، «ان راح منك يا عين»، ومحمد عبدالوهاب في «أحبك وأضحي في حبك»، ومحمد الموجي في «مين قالك تسكن في حارتنا».

وفي السينما حقق فيلم «العقل في اجازة»، ومن بعده «حمامة السلام» وهما للمخرج حلمي رفلة نجاحا ملحوظا جعل من شادية نجمة السنوات العشر التالية، حتى انها قدمت في هذه السنوات ثمانية واربعين فيلما من واحد وثمانين فيلما قدمتها على مدى 40 عاما.

فتاة أحلام الشباب

--------------------

واستطاعت شادية في تلك الفترة ان تكون مع الفنان كمال الشناوي الذي بدأ مشواره السينمائي معها تقريبا انجح ثنائي فني عرفته شاشة السينما العربية حتى يومنا هذا،

وقدما معا عشرين فيلما اشهرها «في الهوا سوا» العام 1950 اخراج يوسف معلوف، «بشرة خير» العام 1953 اخراج حسن رمزي، «وداع في الفجر» العام 1956 اخراج حسن الامام.

لقد استطاعت شادية ان تحقق رواجا فنيا وتجاريا لافتا جدا في سنوات الخمسينات، اثار التساؤلات،

لكن لعل الاجابة تكمن في ان ثورة يوليو العام 1952 أحدثت تغييرات جذرية في المجتمع المصري كان ابرزها تطلع ابناء الطبقة الكادحة والمتوسطة الى حياة افضل بعد ان أتيحت لهم فرصة التعليم والمشاركة في الحياة العامة، وكانت أدوار شادية في هذه الفترة قادرة على اشباع رغبات بنات جيلها من هذه الطبقة المتطلعات الى الحياة الافضل.

وفي الوقت نفسه كانت شادية، التي كانت على مشارف العشرين من عمرها، بجمالها وصوتها الرقيق وخفة روحها واقترابها من هذه الطبقة نموذجا لفتاة احلام جيل شباب الخمسينات بأكمله.

ولعل هذا يفسر لماذا كان المنتجون والمخرجون يصرون على تقديم شادية في ادوار الفتاة الشقية الدلوعة التي تستحوذ على اهتمام الجميع او البسيطة المنكسرة التي ظلمتها الايام وجار عليها أقرب الأقربين،

وان كان ذلك فرض عليها أداء نمطيا لا يختلف من دور الى اخر طوال فترة الخمسينات بأكملها، الى أن بدأت هي تتمرد على هذه الادوار احيانا

وكان هذا أول تمرد من شاديه الأنسانه...على شاديه الفنانه التي كانت دائما تنظر لها بعين (شاديه الناقده)

....
تمرد فني

-----------

خلال فترة الخمسينات انتبهت شادية الى سيطرة الاداء النمطي على أدواتها كممثلة، ولمحت ذلك الاصرار على تقديمها في أدوار الفتاة المدللة خفيفة الظل،

ونجحت في تقديم بعض التجارب الجادة التي كانت تنبئ عن نضج فني في القادم من السنوات، فقدمت مثلا

«بائعة الخبز» 1953 امام زكي رستم وأمينة رزق واخراج حسن الامام،...

«موعد مع الحياة» 1954 امام حسين رياض واخراج عز الدين ذوالفقار،...

«ليلة من عمري» 1955 امام عماد حمدي واخراج عاطف سالم،...

«وداع في الفجر» 1956 مع كمال الشناوي واخراج حسن الامام، ...

اضافة الى فيلميها مع عبدالحليم حافظ «لحن الوفاء» العام 1955، اخراج ابراهيم عمارة،...

«ودليلة» العام 1956، اخراج محمد كريم.

أول إشاعة
-------------

لم تكن شادية قد ذاقت في البداية نيران الوسط الفني المتمثلة في الإشاعات التي يكتوي بها كل فنان ناجح،

خصوصا وان شادية كانت محاطة بحراسة عائلية من اسرتها سواء داخل البلاتوهات في الاستديوهات، أو حتى في اجتماعاتها أو مقابلاتها الفنية، أو حتى عندما تخرج للتنزه.

لكن النجاح الذي تحقق لها مع كمال الشناوي كثنائي فني لم ينجح، او يستمر مثله من قبل، دفع البعض الى ترويج الإشاعات عن النجمين الصاعدين حول وجود قصة حب بينهما وقرب ارتباطهما بالزواج.

واستمرت هذه الإشاعات سنوات عدة، الى أن ماتت بالصدمة في 22 يوليو العام 1953 عندما فوجئ الوسط الفني كله بخبر زواج شادية من الفنان عماد حمدي،

الذي كان متزوجا في ذلك الوقت من الممثلة المسرحية فتحية شريف وكان قد أنجب منها ايضا,,

أثار هذا الزواج الكثير من علامات الاستفهام لان أحدا لم يكن يتوقع أن تتزوج شادية من آخر غير كمال الشناوي، لكن ها هي تتزوج من عماد حمدي,, ترى ماذا كانت الاسباب وما قصة هذا الزواج؟


الممثلة الناشئة تقابل فتى الشاشة العام 1946 ليبدأ مشوارها الغرامي
:
--------------------------------------------------------------------------------

خلال عقد الخمسينات استطاعت شادية ان تضع اسمها في المقدمة سواء بين المطربات ام الممثلات، وكان هذا العقد هو اغزر سنوات حياتها الفنية عطاء في المجالين، الغناء والتمثيل،

وهذه السنوات العشر هي التي بنت فيها شادية صورتها التي عاشت عليها طيلة حياتها وحتى يومنا هذا، صورة البنت الشقية الدلوعة، التي منحها النقاد لقب «دلوعة الشاشة»، ومنحها الجمهور كل الحب، وباتت نموذجا لكل شابة مصرية، يقلد البنات تسريحة شعرها، وخصوصا «قصتها» وحركاتها، وطريقة كلامها,,,

لكن شادية لم تكن ذلك فقط فكل شيء عندها كان محسوبا بدقة، في الفن خاصة، اما حياتها الشخصية فكانت صفحات متعاقبة من الحب والالم.

كانت شادية، وبعد صدمتها القاسية بفقد حبيبها الاول «الضابط فتحي» في حرب فلسطين العام 1948، انصرفت تماما الى عملها بعد ان افاقت من المأساة، التي يعود اليها الكثير والكثير في تشكيل مسار حياة شادية الفني والانساني، فلولا هذه الصدمة ما كانت شادية غمست نفسها في العمل من اجل ان تنسى، مما اكسبها خبرة ونضجا مبكرين،

وانعكس ايضا على شخصيتها، التي يقول المقربون منها انها كانت مختلفة عما يراه الجمهور على الشاشة، فهي هادئة وديعة رزينة، حساسة لكل ما يؤذي الآخرين، رقيقة وناعمة، خيرة الى ابعد حد، لكنها ليست «دلوعة» الى الحد الذي كان يظهر امام الجمهور على الشاشة.

فارس جديد
-------------

ايضا، وعلى الرغم من تمثيل شادية ادوار الحب والغرام، فانها وبعد تلك الصدمة، انصرف تفكيرها عن الحب، وكانت تعيش بكيانها كله لعملها واسرتها، ولا تعرف شيئا في الدنيا سوى البيت والاستديو تتنقل بينهما في حراسة والديها واخوتها بالتناوب، ولم يشغل قلبها شيء عن نجاحها وسعادة اسرتها الى ان تسلل حب عماد حمدي الى قلبها.

كان اول لقاء بين شادية وعماد حمدي تم في العام 1946، في فيلم «ازهار واشواك»، ولم تكن البطولة فيه لـ «شادية» وانما غنت بصوتها فقط بدلا عن المطربة اللبنانية امل شوقي،

وكانت بطولة الفيلم موزعة بين مديحة يسرى ويحيى شاهين وعماد حمدي، وبالطبع فإنها لم تلفت نظره في هذا الفيلم، كما لم يخطر ببالها ايضا انه سيكون يوما فارس احلامها، بل وزوجها ايضا.

البدايه
-------

كان عماد حمدي في هذا الوقت فتى الشاشة الاول، ونجما لامعا مرموقا، بينما كانت هي في بداية الطريق تحاول صعود اولى درجات السلم الغنائي والتمثيلي،

ومرت السنون، ستة اعوام كاملة سارت فيها شادية بموهبتها في طريق النجاح، من دون ان تحاول الاستناد الى احد، الى ان التقت عماد حمدي في فيلم «اشكي لمين» العام 1951 و«اقوى من الحب» العام 1953.

وفي الفيلمين مثلت شادية مع عماد حمدي ادوار العشق والغرام، وكان عماد حمدي في هذا الوقت في الثالثة والاربعين من عمره، اي انه يكبرها بضعف عمرها تقريبا، وكان قد احتفل بالعام السادس لزواجه من الممثلة المسرحية فتحية شريف، التي انجب منها ابنهما الوحيد «نادر»، والذي كان بلغ في العام 1953 عامه الثالث.

شرارة الحب

-------------

كانت هناك عوامل كثيرة تجمع بين شادية وعماد حمدي، وترشحهما لارتباط قوي اهمها ذلك التوافق في شخصية كل منهما، فقد كان كلاهما اشبه بشخص غريب عن الوسط السينمائي، فقد كانت اخلاق عماد حمدي كأخلاق الفرسان، يندر وجودها بين الممثلين و نجوم السينما، هادئ، وديع، يتميز بالرزانة والوقار، جاد لا يعرف التهريج، لا يحب الصخب، ويبتعد عنه، لدرجة انه اذا كان في مكان لا يشعر الحاضرون بوجوده ويتميز بالرجولة والشهامة.

وكذلك كانت شادية تعيش حياتها بين اسرتها، حياة مستقرة هادئة، لا صخب فيها، لا ترى منها الا صفات الفتاة المهذبة، تحافظ كثيرا على سمعتها في الوسط الفني، ولا تسير الا ومعها حارس من اسرتها.

في ذلك الوقت كانت الاشاعات ترجح زواج شادية من كمال الشناوي، الذي قدمت معه في بدايتها 12 فيلما في خمس سنوات وتوقع الجميع ان يتوج هذا التألق الفني بالزواج، لكن شادية وكعادتها دائما تفاجئ من حولها بقرارات مختلفة، نعم ستتزوج، لكن من عماد حمدي، وليس كمال الشناوي.الذي كان في ذلك الوقت زوجآ لأخت شاديه الكبيره...عفاف شاكر

وكان لولادة الحب بين شادية وعماد حمدي قصة فريدة، فقد كانا يعملان معا في فيلم «اقوى من الحب»، وكان من بين مشاهد الفيلم ذلك المشهد الذي تجلس فيه شادية تغني على حافة ترعة، اغنية «كسفتيني يا سنارة» وهي تصطاد السمك،

واثناء اندماجها في الغناء والتصوير انزلقت قدمها، وسقطت في الترعة، فأسرع عماد حمدي وقفز في الترعة بملابسه، وجذبها الى الشاطئ، ووضع الجاكيت الذي كان يرتديه على جسمها الذي كان يرتجف من شدة البرودة، واسرع الى احد المقاهي القريبة، وأحضر لها كوب «ينسون» ساخنا.

لفتت هذه اللمحة الانسانية، وهذا الاندفاع من عماد حمدي نظر شادية، واحست به يتسلل الى قلبها وعقلها في وقت واحد

، وفي مساء اليوم نفسه اتصل بها هاتفيا ليطئمن عليها، وطلب منها الا تسرع بمغادرة المنزل والنزول للعمل وهي مريضة واخبرها بانه سيلغي سفره الى بلدته، حتى يكمل تصوير مشاهده في الفيلم لتحصل هو على اكبر قدر من الراحة، واحست شادية بشعور غريب نحو عماد حمدي، وبادلها هو نفس الشعور.

و تندلع الشراره :


رحلة الحب والزواج
--------------------

مع مطلع العام 1953 سير مجلس قيادة ثورة يوليو 1952، قطار الرحمة، والذي اطلق عليه بعد ذلك «قطار الحب»، حاملا نجوم السينما والغناء ليطوف ارجاء مصر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، احتفالا بمرور ستة اشهر على قيام الثورة،

والتقت شادية عماد حمدي في القطار المتجه من القاهرة الى الصعيد، وامضيا معا سبعة عشر يوما ذهابا وايابا بين القاهرة واسوان، وكانت هذه فرصة سانحة، لا سيما مع جو الصفاء الذي كان يسود الرحلة، ليفاتح كل منهما الآخر بحقيقة شعوره نحوه، حتى اذا انتهت رحلة قطار الحب كان الحب قد اصبح عقدا رسميا بين شادية وعماد حمدي ,,

لكن ماذا بعد ان انتهت الرحلة، وتعذر لقاؤهما كل يوم، وانتهت احتفالات الثورة وحفلات التحرير، ولم تكن هناك افلام جديدة يمثلانها معا؟!

لقد تمكن الحب من قبل كل منهما، وحدث في ذلك الوقت ان سافر عماد حمدي الى الاسكندرية لتصوير بعض المشاهد الخارجية لفيلمه «آثار على الرمال» وامضى هناك 23 يوما، مرت عليه طويلة ثقيلة، فكان يكتب لها رسالة غرامية ملتهبة كل يوم تحمل احر عبارات الحب وكلمات العشق، وتكتوي بنار الفراق.

وللمرة الاولى في حياتها كتبت شادية رسالتين احتوتا كل ما يضمه قلبها الصغير من مشاعر حب فياضة نحو عماد حمدي الذي انتظر رسائلها بلهفة المشتاق، واخفى هاتين الرسالتين، اللتين عطرتهما شادية بعطرها الخاص، الى جانب ما حملا من عبارات تسجل مشاعرها الملتهبة، في مكان امين بعيد عن نظر زوجته فتحية شريف،

التي كانت بدأت تترامى الى سمعها قصة زوجها مع حبيبته شادية، لكنها كانت في حال ما بين الرفض والتصديق، خاصة بعد ان نشرت مجلة كانت تصدر في ذلك الوقت اسمها «الفن» خبرا تكهنت فيه بقرب زواج شادية من عماد حمدي الذي اسرع الى تكذيب الخبر، بل ورصد مبلغ الف جنيه، بكل قيمة هذا المبلغ في ذلك الوقت، سيدفعه للمجلة اذا تحقق ذلك الخبر، وذلك في محاولة منه لصرف نظر زوجته وعقلها عن التفكير في الامر.

لكن الهمسات التي كانت تتردد بقوة في الوسط الفني حول علاقة الحب بين شادية وعماد حمدي، وتترامى الى منزل فتحية شريف، احالت حياتها مع عماد حمدي الى جحيم لا يطاق، ولم يجد امامه الا ان يهجر البيت ليقيم في شقة بمفرده،

وفي هذه الاثناء سافرت شادية بعد ان انتهت من تصوير فيلم «اقوى من الحب» الذي قاما معا ببطولته الى الاسكندرية للاستجمام والراحة من عناء العمل والاشاعات ايضا، لكن عماد حمدي لحق بها، وكان يحوم بسيارته اسفل نافذة غرفتها في فندق «السيرو» ويتسلل ليراها على شاطئ «جليم»، الذي شهد اروع واكثر فصول قصة الحب دفئا، بينه وبين شادية.

ولكن..............


..
زواج تحت التهديد
-------------------

وقصة زواج شادية وعماد حمدي لا تخلو من الغرابة، والاختلاف، وكأن هذا الاختلاف كان سمة قدرية من سمات الفتاة العذبة النحيلة الجميلة شادية،

فربما كانت قصة الحب بين شادية وعماد حمدي طالت اكثر قبل ان تكلل بالزواج، وربما كانت انتهت مثلما انتهى فيلمهما «اقوى من الحب» بعودة الحبيب الى بيته واسرته، لانهما اقوى من الحب، كما حدث في الفيلم.

كان يمكن ان يحدث هذا لولا ان رسالتي شادية المعطرتين وقعتا في يد فتحية شريف زوجه عماد حمدي، بالصدفة البحتة، ذلك ان الخادم الذي كان يعمل في بيت الزوجية، كان يذهب بين الحين والآخر الى الشقة التي كان يقيم فيها عماد حمدي بمفرده ليتولى تدبير شؤون البيت، ويوما طلبت «فتحية» حقيبة للسفر من شقة عماد حيث كان يحتفظ بحقيبتين، اخفى في احداهما رسالتي شادية الغراميتين، وعندما طلبت الحقيبة، قال للخادم احمل احدى الحقيبتين اليها، ونسى موضوع الرسالتين،

وتصادف ان اخذ الخادم الحقيبة التي بها الخطابان، ليقعا، لسوء حظه، في يد زوجته، ليتحول شكها في وجود علاقة بين زوجها وشادية الى يقين,,, وجنون!

حملت فتحية شريف الرسالتين كالمجنونة الى صديق زوجها محمد رجائي مدير استديو مصر في ذلك الوقت، وهددت باثارة فضيحة كبرى للفنانة الصغيرة، وطلبت منه ان يبلغ ذلك لصديقه عماد حمدي، فأسرع اليه وابلغه بان زوجته عازمة على الانتقام، وانها ستفضح شادية بالرسالتين وستنشرهما في الصحف، وستشوه وجه شادية بماء النار!

وقع عماد حمدي في حيرة من امره، بين ان يضحي ببيته، او ان يضحي بحبيبته، لكن الموقف حسم بعد ان تصرفت زوجته على هذا النحو الطائش, فقد قرر ان يطلقها ويتزوج شادية ويقطع عليها طريق الاساءة لسمعتها وتدميرها، فأسرع الى اخبار شادية بالامر وابلغها ضرورة ان يتصرفا بسرعة.

كان زوج «سعاد شاكر» شقيقة شادية، من اشد المعجبين بفن عماد حمدي وبشخصه ايضا، وكان يقيم وزوجته في «جليم» بالاسكندرية لتمضية الصيف ولما علم بالامر استدعى شادية وعماد حمدي، واحضر المأذون واتم زواجهما، وفي الوقت نفسه طلق عماد حمدي زوجته فتحية شريف، وفاجأها بارسال وثيقة الطلاق بسرعة، وبذلك اصبح تهديدها بنشر رسالتي شادية الغراميتين لا اهمية له بعد ان اصبحت شادية زوجته.

طلاق مفاجئ
---------------
عاشت شادية مع عماد حمدي اسعد ايام حياتهما، ومضت بهما الشهور والسنون على اجنحة السعادة والحب، ثلاث سنوات رفرف فيها الهناء والرخاء على حياة الزوجين الحبيبين الى ان بدأت رياح الغيرة تعصف بكيانها بسبب فارق السن الكبير بينهما.

كانت شادية تتمنى الانجاب من اول ازواجها عماد حمدي، كان كيانها مفعما بحلم الامومة، الذي لم يتحقق لها طيلة حياتها رغم حبها الشديد للاطفال، وحاولت الانجاب فعلا رغم نصائح الاطباء لها بخطورة الحمل على صحتها، وحملت لكن الله لم يحقق لها رغبتها.

وكما تم زواج شادية وعماد حمدي في شكل سريع ومفاجئ للجميع، تم ايضا طلاقهما بشكل مفاجئ عام 1956، بعد ان كانت الغيرة على شادية من جانب عماد حمدي بسبب فارق السن بدأت تأكل حبه وقلبه، وتتحول الى قضبان تخنق شادية وحبها له ,,,

وانتهت اجمل قصة حب عرفها الوسط الفني في الخمسينات بالطلاق، وكان على شادية بعد ذلك ان تواجه سيلا من الاشاعات حاصرها، وربط بينها وبين كثيرين من نجوم الوسط السينمائي والغنائي والصحافي ايضا، الى ان تخلصت من هذه الاشاعات بزواج جديد!

من ياترى زوج شاديه الجديد...وكيف تزوجته...

.....
الألم,,,
--------

عنوان عريض من عناوين حياة شادية الانسانة، فقد اسهم الألم بجانب كبير جدا في تكوين شخصيتها، واضفى عليها مسحة من الحزن توارت خلف مرورها الخفيف امام كاميرات السينما، وجو البهجة التي كانت تنشره بأغنياتها المرحة،

ألم الفقد ...وألم الفراق ...وألم الحرمان من أعز حلم لها الامومة ...ومع ذلك فإنها كانت تطوي نفسها على آلامها راضية بما قسم الله لها وتمضي في مسيرتها تسعد الناس وتفيض حبا وحنانا على كل من حولها كالشجرة غزيرة الثمر.

لم يكن النشاط الفني لشادية قد توقف خلال السنوات الثلاث التي تزوجت فيها عماد حمدي، بل ان هذه الفترة شهدت نشاطا غزيرا في التمثيل والغناء، ونقلة نوعية في اداء تلك الفتاة التي تقفز بخفة امام الكاميرا.

نضج فني
-----------

وفي هذه الفترة قدمت شادية مجموعة أفلام عكست قدرا كبيرا من النضج الفني، واعطت مؤشرا قويا على الذكاء الفطري للفتاة، التي لم تكن تجاوزت بعد بدايات العقد الثالث من عمرها ذلك ان شادية قدمت في هذه الفترة مجموعة من الأفلام الدرامية والاجتماعية المختلفة، والتي لفتت الى مرحلة جديدة ومتباينة مع مرحلة البداية الاولى.

قدمت شادية في هذه المرحلة أفلام...

«بائعة الخبز» مع زكي رستم وامينة رزق اخراج حسن الامام العام 1953 ...

«موعد مع الحياة» مع فاتن حمامة وحسين رياض، اخراج عز الدين ذوالفقار العام 1954،

وقدمت فيلما رابعا مع زوجها عماد حمدي هو «ليلة من عمري» اخراج عاطف سالم العام 1955

ثم «وداع في الفجر» مع كمال الشناوي اخراج حسن الامام العام 1956

وقدمت مع عبدالحليم حافظ في هذه الفترة فيلمين هما «لحن الوفاء» اخراج ابراهيم عمارة العام 1955... و«دليلة» اخراج محمد كريم العام 1956.


إشاعات
---------

وبعد طلاق شادية من عماد حمدي في 14 مايو 1956 كان طبيعيا ان تنطلق الإشاعات من جديد حولها،

فبعد ان ماتت اشاعة زواجها من كمال الشناوي بزواجها من عماد حمدي، انطلقت إشاعة اخرى بعد طلاقها منه حول قرب زواجها من فريد الاطرش، لا سيما بعد اشتراكها معه في فيلم ودعت حبك العام 1957 والذي اخرجه يوسف شاهين

وهي الفترة نفسها التي شهدت خلافات شديدة جدا بين فريد الاطرش وسامية جمال ولم تمت هذه الاشاعة إلا عندما تزوجت شادية للمرة الثانية في 20 يناير 1958 من المهندس عزيز فتحي الذي كان يعمل مهندسا بالإذاعة ولم يكمل زواجهما العام فقد طلقت منه في ديسمبر من العام نفسه.

وكانت شادية تعرفت على زوجها الثاني عزيز فتحي وتوطدت العلاقة بينهما في سهرات فريد الاطرش التي كان يتردد عليها بصحبة خالتيه ميمي وزوزو شكيب، وتسلل حبه الى قلبها على غير انتظار وكان شابا قريبا من سنها مهذبا شديد الاعجاب بها لكن الغيرة من الزوج والعناد من الطرفين ادت الى مشاكل ومنازعات دائمة انتهت بالطلاق....مرة أخرى

أسرع زواج
------------

كان المهندس عزيز فتحي يصغر شادية بعدة اعوام وكان ابن احدى العائلات العريقة ووالده هو المستشار محمد فتحي وكانت بداية تعرفه الى شادية على شاطئ ستانلي بالاسكندرية في مطلع شهر اغسطس من العام 1957 وبعد فترة تعارف لم تزد على عشرة ايام قرر الزواج وباركت الاسرتان زواجهما.

وللمرة الثانية يتم الزواج في طقوس توحي بأنه مفاجئ ايضا، وكذلك للمرة الثانية يتم الزواج في شقة الشقيقة الكبرى لشادية «سعاد شاكر» ولكن هذه المرة شقتها في القاهرة الكائنة بالبناية رقم 150 شارع النيل بالعجوزة ...

ولم يحضر عقد القران سوى شقيقتيها سعاد وعفاف وشقيقيها محمد وطاهر ووالديها، وبعد عقد القران قرر ال****ان السفر الى الاسكندرية لمفاجأة باقي افراد الاسرتين الذين لم يحضروا عقد القران واذا بهما يفاجآن بوفاة زوج خالة العريس الفنان سراج منير، الذي كان متزوجا من الفنانة ميمي شكيب.

ورغم السرية والكتمان اللذين احيط بهما عقد القران فوجئ ال****ان بنشر الخبر في الصحف في اليوم التالي وتسبب ذلك في حرج لشادية امام ميمي شكيب التي لعبت الدور الاكبر في اتمام هذا الزواج.


مفاجأة وطلاق
---------------

لم تكن شادية تعلم ان المهندس الشاب متزوج من اخرى قبلها، لكنها اكتشفت ذلك الامر بعد الزواج بشهر واحد فقلبت الدنيا رأسا على عقب، واعتبرت انه خدعها حين اوهمها بأنه تزوج وطلق زوجته الاولى قبل ان يرتبط بها.

ولم يمض وقت طويل حتى وقعت المشاكل بين شادية وزوجها المهندس عزيز فتحي لضيقه الشديد من شهرتها.

وقد حاولت شادية بكل طاقتها ان تحافظ على هذا الزواج وتبعده عن حافة الانهيار لدرجة انها كانت تحاول فتح المجال لزوجها المهندس الشاب للعمل بالسينما بعد ان عرض عليه بعض المخرجين ذلك واقنعته على اساس ان يتمكن من تعويض الفارق بين دخله من عمله ودخلها الكبير من فنها، حتى لا تكون هناك حساسية بينهما ...

وأجري له اختباران امام الكاميرا لكنه فشل فيهما وادى هذا الى رد فعل سيئ عنده، فأخذ يتدخل في عملها، ويتتبعها في الاستديوهات التي تصور فيها، ويقيد من حريتها بشكل او بآخر.

وأمام ذلك لم تجد شادية سوى طلب الطلاق الذي ماطل فيه، فأقامت دعوى قضائية استمرت بالمحاكم فترة طويلة ولم تنته إلا بعد اتفاق ودي بين والد الزوج المستشار محمد فتحي ووالد شادية المهندس كمال شاكر.



مرحلة جديدة
--------------

بعد هذه الزيجة السريعة القصيرة استردت «مطربة المراهقات» و«دلوعة الشاشة» حريتها وقررت ان تتفرغ لفنها وان تعيش في هدوء بعيد عن التوتر والزواج والغيرة والعناد،

لكن الاشاعات لم ترحمها، ففي ذلك الوقت كانت علاقة شادية بالوسط الصحافي توطدت بقوة وكانت تتردد على سهرات تجمع كبار الصحافيين والادباء والمثقفين والفنانين وكان طبيعيا ان تمتد جسور التعارف بينها وبين سواد هذه السهرات الفكرية التي دخلت عالمها من خلال الكاتب الكبير مصطفى امين.

ولذلك ربطت الاشاعات بين شادية وبين سياسيين وصحافيين كبار، وكذلك بينها وبين ثري سعودي، ورجل اعمال، وديبلوماسي تركي، وكذلك الموسيقار محمد الموجي... والموسيقار بليغ حمدي.

وليس فقط هؤلاء...ولكن

الزوج الثالث
-------------

وذهبت الأمور لأبعد من ذلك حيث قيل ان الكاتب الكبير احمد رجب كاد يحمل في شبابه لقب الزوج الثالث لشادية،

وان ذلك حدث عندما كانت تتردد على مجالس المجتمع الصحافي، وكان هناك اعجاب متبادل بينها وبين هذا الصحافي الشاب ما جعل اصدقاءه الصحافيين يرشحونه للزواج منها.

وقد كتب احمد رجب بنفسه هذه القصة بشكل ساخر في مجلة «الجيل» التي كانت تصدرها «أخبار اليوم» تحت عنوان «أنا جوز شادية» كتبها في شكل خيالي، وكأنها حلم من أحلام اليقظة وكتب يقول:

«فجأة كدت اصبح جوز شادية وفجأة ايضا كدت اتحول الى طبق فتة لزملائي الصحافيين وخصوصا زميلي المهذب المتربي المؤدب ابن الناس «جليل البنداري» الشهير باسم «جليل الادب»

فإذا شاهدني زملائي اراقص شادية في ايام الخطوبة والغرام الحامي، وضعوا اسمي «ملفوفا» في باب «اخبار الناس» قائلين مطربة سينمائية معروفة كانت ترقص مع صحافي شاب في «بلفدير هيلتون» طوال الليل واليد باليد والخد على الخد والزواج في الغد

فإذا تزوجتها نقلوا اسمي من باب اخبار الناس الى الصفحة الاولى مع صورتي طبعا ...

فإذا قضينا شهر العسل نقلوا اسمي بعد تسعة اشهر من الصفحة الاولى الى باب «مواليد الامس» مسبوقا باسم النبي حارسه انبته الله نباتا حسنا، ...

فإذا اثارت شادية غيرتي وضربتها قلمين نقلوا اسمي من «مواليد الامس» الى حوادث امس،...

فإذا اصرت شادية على الطلاق وطلبت انا الف جنيه لأطلقها نقلوا اسمي الى صفحة الجرائم،

وهكذا ظل اسمي يتجول ويتنزه في طول الجريدة وعرضها لأنني جوز شادية وقد كدت هذا الاسبوع ان اصبح ذلك الجوز والحكاية في منتهى البساطة يمكن ان تحدث لك فجأة كما حدثت لي».

هذا المقال الطريف الساخر الذي كتبه احمد رجب كان ينفي به انه سيتزوج شادية ولخص فيه ايضا ما تعرضت له في زواجها الثاني من المهندس عزيز فتحي الذي طلب منها الف جنيه حتى يوافق على طلاقها،

لكن اذا كانت هذه الاشاعة لم تحدث تأثيرا كبيرا فإن قصة اخرى هي قصة زواج شادية من الكاتب الصحافي الكبير الراحل مصطفى امين اقامت الدنيا ولم تقعدها واستغلتها ضده اجهزة المخابرات لدرجة انه اضطر لتوضيح الامر للرئيس الراحل جمال عبدالناصرونفى هذا الزواج

وتتواصل فصول الحدوته وتحلو بمتابعتكم بكل تأكيد

..
عالم جديد
-------------

في مرحلة من حياة شادية انفتحت امامها دنيا جديدة، أخذ بيدها الكاتب الصحافي الكبير الراحل مصطفى أمين، الذي ظهر في حياتها في فترة حرجة أعقبت فشلها في زيجتها الثانية من المهندس الاذاعي عزيز فتحي،

لقد عرفت شادية طريقها الى عالم جديد، يخلو من الصخب، لكنه مفعم بالأفكار والثقافة والحياة الحقيقية، التي انتزعها منها فنها.

وفي هذا العالم التقت شادية وجوها لامعة وأسماء براقة، ربما كانت تسمعها وتهتز لها، أو ترتجف منها، لكن مصطفى أمين جعلها جزءا من هذا العالم المتألق.

كان لفشل شادية في زواجها من عزيز فتحي تأثير سلبي عليها دفعها للحزن والإحباط، لكنها سرعان ما تابعت مسيرتها وعادت الى العمل قدر استطاعتها.

فذات يوم دعا الكاتب الكبير مصطفى أمين شادية الى حفل كان دعا اليه أيضا عددا كبيرا من الفنانين والصحافيين الكبار، وكان هذا الحفل هو بداية دخول شادية عالما جديدا، بل ومرحلة جديدة من حياتها، وصفتها هي نفسها بأنها كانت من أجمل فترات حياتها، «فترة عاقلة ورائعة، وجدت فيها نفسي».

في هذا العالم الجديد خرجت شادية من دائرة حياتها التقليدية التي كانت تنحصر بين التمثيل السينمائي والغناء، وانتقلت الى حياة جديدة قابلت فيها عقولا كبيرة، وشخصيات مرموقة تتحدث في الصحافة والأدب والسياسة والفن، وشتى أمور الدنيا.

وفي هذا اليوم أيضا ولدت صداقة جميلة بين شادية والكاتب الكبير مصطفى أمين، ولقد تسرب هذا الصحافي الكبير اللامع الى عقلها، وشعرت تجاهه بنوع من الحب، الذي يختلف عن العواطف الدارجة والمتعارف عليها،

لقد شعرت شادية وهو يودعها في نهاية الحفل بأنه حينما ضغط على يدها، وهو يصافحها، انما ضغط على عقلها، وملك عليها تفكيرها.

وشعرت شادية بأن صداقة هذا النوع من البشر هي أجمل ما في الحياة، لأنهم أناس يعيشون في عالم آخر، عالم جديد من صفوة نجوم الصحافة والأدب والفن.

مع الكبار
----------
وجدت شادية نفسها مشدودة الى هذا العالم الساحر، وليلة بعد ليلة كانت تسهر في ضيافة الكاتب الكبير مصطفى أمين ومع صفوة المجتمع، جلسات كان يحضرها عادة الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب وزوجته نهلة القدسي أحيانا، وعبدالحليم حافظ وكمال الطويل، وكامل الشناوي، وأحمد رجب، وموسى صبري، وجليل البنداري، وأنيس منصور، وكمال الملاخ.

أخذت شادية التي كانت صغيرة جدا وسط كثير من هؤلاء العمالقة، تراقب كيف يتصرف هؤلاء الكبار، وكيف يسرع عبدالوهاب أحيانا الى ورقة وقلم ليكتب حروفا لم تفهم معناها، عرفت فيما بعد انها نوتة موسيقية لجملة لحنية عنت على خاطره في ذلك الوقت.

وكانت شادية تشعر بنوع من التميز عندما تقرأ في اليوم التالي في الصحف كلاما وأخبارا سمعتها في الليلة السابقة، وذلك بفضل معرفتها بهؤلاء الكبار، الذين تصنع الأخبار بين أيديهم.

لكن التصاق شادية الشديد بهذا العالم لفت الأنظار، ونسجت قصص كثيرة حولها، وتولدت شائعات عدة، منها شائعة، أو مزحة زواجها من الصحافي الكبير أحمد رجب،التي تكلمنا عنها ...

لكن علاقة الصداقة التي نشأت بين شادية والصحافي الكبير مصطفى أمين فتحت الباب للكثير من التأويلات، فهناك من قال انها صداقة، ومن قال انها علاقة غرامية.

صداقة أم زواج
----------------

لقد عملت ماكينة الشائعات بقوة لتنتج أخبارا تنشرها الصحف حول نوع العلاقة بين شادية ومصطفى أمين، وأطلق بعض الصحافيين العنان لخيالهم، ونسجوا قصصا حول علاقة الزواج بين مصطفى أمين وشادية.

الأغرب من ذلك ان مصطفى أمين تلقى يوما دعوة حكومية لحضور حفل كان يحضره الرئيس جمال عبدالناصر، وكانت الدعوة موجهة للكاتب مصطفى أمين و«حرمه»،

وأصيب مصطفى أمين بالدهشة، لأنه لم يكن متزوجا في ذلك الوقت، ما دفعه الى الاتصال بالرئيس جمال عبدالناصر ليخبره بأنه غير متزوج، وتكشف بعد ذلك ان المخابرات العامة هي التي أرادت ان تسيء الى الكاتب الكبير.

وقد أكد بعض الذين عاصروا شادية وكانوا قريبين جدا منها ان هذا الزواج كان أحد النقاط التي تناولتها التحقيقات التي أجريت مع مصطفى أمين في قضية التخابر مع أميركا التي اتهم فيها.

وقال هؤلاء ان الأحاديث كانت تدور في ذلك الوقت حول زواج عرفي بين الصحافي الكبير والنجمة الصاعدة، بل ان البعض لم يستبعد حدوث الزواج بالفعل،

ولكن الواقع ان شادية لم تنف ولم تؤكد هذا الأمر، في شكل قاطع، وهو ما فعله أيضا الكاتب الكبير الراحل مصطفى أمين الذي لم يشأ أن يدخل في معارك يظهر فيها في موقف الدفاع عن النفس.

بل إنه لم يحدث يوما ان قالت شادية انها تزوجت مصطفى أمين الذي تعترف له بفضل كبير في توجيهها ووضعها على بداية طريق سينمائي وفني أدخلها مرحلة النضج الفني بعد سلسلة من الأفلام والأغاني الخفيفة.

وحينما سئلت شادية يوما عن هذا الموضوع قالت:

«إن الكاتب الكبير مصطفى أمين علمني كيف أفكر بعقلي قبل قلبي، وكان يعطيني الحنان بلا حساب، ويدفعني للبحث عن الأدوار الجيدة، وهو الذي طالبني بالابتعاد عن الأدوار الخفيفة التافهة، وقد اقنعني بأن أعود الى الغناء، والذي كنت تركته لفترة، وكان يساعدني على انتقاء الأغنية الجيدة، ومع ذلك فقد قالت الشائعات ان زواجي منه أبعدني عن الحياة الفنية، والحقيقة ان صداقتي مع هذا الكاتب الكبير كانت من أجمل فترات حياتي، فترة عاقلة ورائعة، وجدت نفسي فيها».

هكذا رسمت شادية صورة العلاقة بينها وبين الكاتب الكبير مصطفى أمين، وقالت:

«انني أدين للأستاذ مصطفى أمين بالكثير، إنه صاحب الفضل في النضج العقلي الذي يظهر في تصرفاتي وعملي وأفلامي، وفي علاقاتي بالناس من حولي، لقد جعلني أحب الحياة بعد أن كرهتها».

وعندما سألوا الفنان كمال الشناوي حول حقيقة زواج شادية من مصطفى أمين، قال انه لا يعلم شيئا عن هذا الموضوع، وليست لديه فكرة عنه وقال «لا أحب أن أتكلم في شيء كهذا,.

وهكذا أيضا ترك كمال الشناوي الذي بدأ مشواره الفني مع شادية وكون معها أبرز ثنائي سينمائي حتى الآن، وقدم معها ثلاثين فيلما توزعت على مراحلها المختلفة، ترك الباب مفتوحا، لم يؤكد أو ينف، مثلما فعلت شادية،

ولا تزال قصة شادية ومصطفى أمين أحد الأسرار المجهولة في حياة دلوعة الشاشة، التي سنجدها بداية من العام 1959 تتجه اتجاها فنيا آخر وتنتقل الى مرحلة النضج الفني الذي بدأته مع فيلم «المرأة المجهولة»، الذي شاركها بطولته أيضا كمال الشناوي.






بعد طلاقها من المهندس الاذاعي عزيز فتحي، تفرغت شادية لممارسة حياتها بالشكل الذي صنع منها خلال ما يقرب من تسع سنوات نجمة ذات مذاق خاص،

فقد حققت خلال هذه السنوات نقلة ظاهرة بين أفلام الدلع والخفة الى الافلام التي ظهرت في معظمها ممثلة فقط، ونادراً ما كانت تقدم الأغنيات في أفلامها في هذه الفترة، بحيث يمكن اعتبار هذه مرحلة يمكن أن يطلق عليها مرحلة «شادية الممثلة»، وقدمت فيها 21 فيلماً أظهرت فيها قدراتها كممثلة ناضجة.

وكان للصحافي الكبير مصطفى أمين دور بارز لعبه من وراء الستار في توجيه شادية الى اختيار ما يناسب هذه المرحلة، وجعلها تبتعد عن أفلام الدلع والأفلام الخفيفة لتقديم الأفلام الدرامية والاجتماعية،

ولم يخل الأمر من أفلام كوميدية أيضاً، لكنها قدمتها بنضج أيضاً كما في «مراتي مدير عام» و«الزوجة 13» وغيرهما, وهو أيضاً الذي وجهها الى عدم اغفال جانب المطربة فيها، فعادت في بعض هذه الأفلام الى تقديم بعض الأغاني الخفيفة.

وخلال هذه الفترة كانت شادية تظهر منفردة في المجتمعات التي ترتادها، خاصة المجتمع الصحافي الذي أدخلها اليه مصطفى أمين، حتى الذين كتبوا انها تزوجت مصطفى أمين لم يتمكنوا من تقديم الدليل على أن هذه الزيجة تمت بالفعل،

كما أن معظم الذين عاصروا هذه الفترة لا يحب الخوض في هذا الأمر حرصاً على العلاقة القوية مع شادية التي تتمتع بشخصية آسرة كسبت احترام الجميع وحبهم، واحتراماً أيضاً لوضعها الجديد الذي ابتعدت فيه عن الفن وتفرغت تماماً للعبادة، ولشؤونها الخاصة.



مع صلاح ذو الفقار
--------------------

وإذا كانت شادية كونت في فترة الخمسينيات أروع وأجمل ثنائي عرفته السينما العربية والمصرية حتى يومنا هذا مع الفنان كمال الشناوي، فإنها في فترة الستينيات كونت ثنائياً آخر، كان أقل تأثيراً لدى الجمهور، لكنه أيضاً حقق النجاح، كان هذا الثنائي مع صلاح ذو الفقار الوافد على الفن من جهاز الشرطة المصرية،

وهذه المرة، وخلافاً لما حدث مع كمال الشناوي، تحول التمثيل الى حقيقة وتزوجت شادية من صلاح ذو الفقار.

كان أول لقاء جمع بين شادية وصلاح ذو الفقار هو فيلم «عيون سهرانة» العام 1957 أثناء زواجها من عماد حمدي، وربما يكون عماد حمدي لمح خلال هذا الفيلم بحاسة الزوج ما يقلقه ويوتر علاقته مع شادية، لا سيما وأنه كان شديد الغيرة، خاصة في الأيام الأخيرة من حياتهما الزوجية التي انتهت في مايو من العام نفسه.

لكن الثابت أن علاقة الحب بين شادية وصلاح ذو الفقار لم تشتهر ولم تعرف للناس إلا عندما قدما معاً فيلم «أغلى من حياتي» العام 1965، وهو الفيلم الذي شهد اللقاء الثاني بينهما ، وأخذت قصته عن قصة فيلم «الشارع الخلفي» لجون جافن وسوزان هيوارد، وهو فيلم شديد الرومانسية يروي قصة شاب وفتاة تحول الظروف دون زواجهما، ويسير كل منهما في طريقه الى أن يتزوج المهندس الشاب ويشتهر في مجاله وتصبح له أسرة وأبناء، وبعد سنين طويلة يلتقي بفتاته الأولى التي لم تتزوج غيره رغم طول السنين، ولم يكن حبها مات في قلبه أيضاً، فيتزوجها سراً، ويسكنها الشارع الخلفي، ويدوم الحال سنين طويلة، ولا يكشف السر إلا ابنه الأكبر لحظة وفاة أبيه.

وقد صورت المشاهد الخارجية للفيلم في مدينة مرسى مطروح، على شاطئ البحر وتحت الأشجار في جزيرة النباتات حيث البحر والخضرة والزهور والجو الساحر الخلاب ما شجع، على أن تتحول مشاهد الغرام الملتهبة بين بطلي الفيلم الى حقيقة،

وفعلاً كان صلاح ذو الفقار في الحياة هو ذلك الأب الذي وقع في حب جديد لم يجد له علاجاً سوى الزواج،

ان قصة الحب بين «أحمد ومنى» في هذا الفيلم لا تزال تعيش في وجدان الجمهور الى يومنا هذا، ولا يزال نداء الحبيبين -
«أحمــــــــــــــــــــــــــــــــــــد& مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنى
»
يرن في اذان الناس، بل إنه أحياناً يتحول إلى «قفشة» طريفة يتندر بها الناس الآن.


الزواج مرتان

-------------

والحقيقة أن شادية تزوجت صلاح ذو الفقار مرتين لا مرة واحدة،

ففي نوفمبر 1967، وبعد قصة حب دامت شهوراً بعد فيلم «أغلى من حياتي»تزوجا وعاشا حياة سعيدة جداً، لكن شادية شعرت مرة أخرى بالحنين للانجاب، وحملت بالفعل للمرة الثالثة، ومكثت في البيت قرابة الخمسة أشهر لا تتحرك حتى يثبت حملها، لكن القدر كان قال كلمته، وفقدت الجنين، وأثر هذا بشكل سيء على نفسيتها، وبالتالي على حياتها الزوجية فوقع الطلاق بينهما بعد أقل من عام في أغسطس 1969.

وكان هذا الحلم، حلم الانجاب، هو أحد الأسباب التي أرقت حياة شادية، وحراتها من أن تهنأ بالسعادة، وكانت دائماً نقطة خلاف ينها وبين أزواجها،

فحينما تزوجت من عماد حمدي، كان الاتفاق بينهما على تأخير الانجاب أعواماً عدة، لكن رغبتها الجارفة في تحقيق هذا الحلم دفعتها الى مخالفة الاتفاق، وحملت بالفعل، وعاندها القدر أيضاً،

فقد أكد لها الأطباء خطورة الحمل على صحتها، وأن جسمها الضعيف النحيل لا يقوى على احتمال الانجاب، لكنها تمسكت بالانجاب,

وكان ذلك سبباً آخر للخلاف مع عماد حمدي، والطلاق فيما بعد.

وفي زيجتها الثانية من المهندس عزيز فتحي حملت شادية، وسقط جنينها أيضاً، ما دفعهما لتكذيب نبأ الحمل الذي كانت الصحف نشرته يوم 16 أكتوبر العام 1958،

ثم كان الحمل الثالث من صلاح ذو الفقار، وفقدت الجنين أيضاً في شهره الرابع.

وبعد أن وقع الطلاق بين شادية وصلاح ذو الفقار سعى بعض المقربين منهما الى اعادة المياه الى مجاريها بينهما، بعد أن عز عليهم أن تنتهي قصة الحب التي كانت مضرب الأمثال في الوسط الفني في ذلك الوقت تلك النهاية وتتحطم على صخرة خلافات بسيطة مبعثها سوء الحالة النفسية والاحباط الذي عانت منه شادية بعد أن فقدت حلمها في الانجاب مراراً،

ونجحت محاولات الوساطة في اعادة الزوجين مرة أخرى في سبتمبر من العام 1969، ومضت سفينة الحب تحملها من جديد في بحر الهوى الذي ربط بين قلبيهما،

لكن ها هي السفينة تتحطم من جديد على صخرة الخلافات، ويتم الطلاق النهائي بين «أحمد ومنى» أو صلاح ذو الفقار وشادية في منتصف العام 1973.



وتتأرجح الحكايه...بين آلام وسعاده ودموع وفرحه
..
زواج وطلاق

------------

وقد أثمر هذا الارتباط والزواج بين شادية وصلاح ذو الفقار عدداً من الأفلام الناجحة التي قاما ببطولتها ، فقد اشتركا معاً في بطولة أفلام «مراتي مدير عام» 1966 و«كرامة زوجتي» 1967، و«عفريت مراتي» 1968، وجميعها من اخراج فطين عبدالوهاب، كما أنتج لها صلاح ذو الفقار فيلم «شيء من الخوف»، الذي أخرجه حسين كمال،دون أن يشارك في بطولته، وهذا الفيلم هو أحد روائع السينما المصرية على مدى تاريخها.

عشق الطفولة
----------------

بعد الطلاق الثاني بين شادية وصلاح ذو الفقار، قررت ألا تكرر تجربة الزواج مرة أخرى وأن تعيش لتربية أبناء اخوتها، الذين ملأوا عليها حياتها، وكانت ترى فيهم التعويض المناسب عن حلمها المفقود في أن تصبح أماً.

وقد قامت شادية بتربية «خالد» و«ناهد» ابني شقيقها الراحل «طاهر»، الذي كان أقرب أشقائها اليها، والذي كان يرعى جميع شؤونها حتى وفاته،

وكانت تجد سعادتها في الجلوس معهما، وباقي أطفال العائلة، والى الآن تحرص في يوم ميلادها على أن تجمع هؤلاء الأولاد، الذين كبروا الآن وأصبحوا آباء، وأبناؤهم، الذين تعتبرهم أحفادها، حول مائدة تصنعها بنفسها، وتغدق عليهم من حنانها المتدفق.

وحتى الآن تشعر شادية بهذا الحنين تجاه الأسرة، فدائماً كانت تعيش في كنف أهلها، كان البيت ممتلئاً عليها، تعيش معها أمها، وشقيقها، الى أن توفيا ثم كبرت «ناهد» وتزوجت، وسافر «خالد» للعمل في الولايات المتحدة، وكذلك شقيقتها الكبرى «عفاف شاكر» التي انتقلت للاقامة الدائمة هناك، والتي تحرص شادية على أن تسافر لتمضي معها عدة أشهر كل عام.

ويبدو هذا الملمح قوياً جداً في حياة شادية، وفي آخر أحاديثها بعد الاعتزال والحجاب عبرت عن ذلك قائلة:

«ارتباطي بعائلتي قوي جداً، وربنا عوضني بولدي شقيقي اللذين رحلا قبل الخمسين من عمرهما «محمد وطاهر»، أولادهما كبروا وتزوجوا، وأولادهما أصبحوا أحفادي، الولد الصغير بناديه «بوي فرند» واسمه «طاهر» على اسم جده، وهناك «خديجة»، و«محمد» باسم أخي الأكبر، الحمد لله هذه نعمة من عند الله، وكلهم يحبونني، ويسمون بيتي «بيت الأمة».

وتضيف شادية: «أنا أعرف أني طفلة كبيرة، وهذا شيء حلو، فلو زعلت من حاجة بعد خمس دقائق تلاقيني نسيت».

إن عشق الأطفال يسري في دم شادية ويملأ عليها كيانها لدرجة أن حقيبة يدها لا تخلو من قطع الشيكولاتة لتوزعها على الأطفال الذين يقابلونها، كما كان حبها للأطفال سبباً في أن تقدم واحداً من أروع مشاهدها في فيلم «ليلة من عمري» العام 1955 عندما قام المخرج عاطف سالم بوضع طفل داخل أحد الأقفاص، ورغم أنها كانت تعلم أن القفص سيوضع به شيء آخر غير الطفل عندما يقذف القفص على الأرض طبقاً للمشهد، صرخت، وظلت تصرخ وتبكي، وخرج المشهد طبيعياً ومن أروع المشاهد.

لقد ظل هذا العشق هاجساً في نفس شادية لدرجة أنها اعتبرت أن فقدها الجنين أكثر من مرة، لأسباب خارجة على ارادتها، تضحية من أجل الفن، وقالت «الفن يأخذ من رغبات الفنان كانسان عادي، أنا مثلاً كنت أحب أن أكون أماً، حرمت نفسي في سبيل الفن، ولكن الله عوضني بأولاد أخوتي».

هذه هي شادية التي تبقى فريدة في كل شيء حتى في أحزانها وآلامها، فرغم النجاح في الفن والسعادة التي عاشتها في التفاف الناس حولها وتعلقهم بها، إلا أنها كانت تطوي نفسها على ألم عميق،

الشيء الوحيد الذي لم تنعم به كاملاً هو الحب، رغم أنها عاشت سنوات جميلة وهانئة مع زوجها الأول عماد حمدي، بشهادة من عملوا معها، ومنهم المذيعة سهير سامي التي شاركتها بطولة فيلم «ميرامار»، والتي قالت لي أن أسعد أيام حياتها هي التي عاشتها أيام زواجها من عماد حمدي، ورغم سعادتها أيضاً مع صلاح ذو الفقار، فإن سعادتها بهذا الحب وبالحياة الزوجية، وبحياتها عموماً كنجمة وانسانة، كان يعكر صفوها دائماً غياب طفل كانت تتمناه!

ومع الآلام والأحزان التي تسكن الفرحه المسماه ب(شــــــــــــــاديه)

في سنوات الستينات بدا من خلال الأفلام التي قدمتها شادية أنها لم تعد تلك الفتاة المدللة، التي توصف بأنها المتحدثة الرسمية باسم المراهقات، وقابل الناس على الشاشة شادية الممثلة المختلفة التي تقدم الدراما الخالية من الاغنيات الخفيفة التي ميزتها طوال مرحلتها الاولى،

وهكذا تثبت شادية من جديد أنها مختلفة وتقدم قدراتها ومواهبها كممثلة لا مطربة.

كانت بداية الخط الجديد الذي قررت شادية السير فيه هي فيلم «المرأة المجهولة» مع كمال الشناوي واخراج محمود ذوالفقار العام 1959 فقد كشف دورها في هذا الفيلم عن وصولها الى درجة عالية جدا من النضج الفني الذي تولد بلا شك عن نضجها الانساني.

وكما قلنا سابقا فإن اندماج شادية في الوسط الصحافي والادبي من خلال الصحافي الكبير مصطفى أمين كان بداية ادراك شادية لضرورة ان تصنع صورة جديدة ترسخ من خلالها حضورا مختلفا وكان لتوجيهات مصطفى امين الذي ربطته بها صداقة متينة مهدت فيما بعد لأن تقدم من تأليفه فيلم «معبودة الجماهير» مع عبدالحليم حافظ، الذي كان أول لقاء جمعها به في ذلك الحفل الذي دعاه اليه مصطفى أمين لمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد مؤسسة اخبار اليوم.

مرحلة النضج
--------------

وفي مرحلة النضج الفني التي مرت بها شادية في الستينات قدمت وحتى العام 1970 اثنين وعشرين فيلما بالإضافة لما قدمته في الاربعينات والخمسينات وعددها 48 فيلما وعكست ادوار شادية في هذه المرحلة حالة النضج وتزامنت مع تحولها الى الاداء الميلودرامي بدءا من فيلم «المرأة المجهولة» وانتقالا بعد ذلك الى فيلم «معا الى الأبد» اخراج حسن رمزي العام 1960 و«التلميذة» اخراج حسن الامام العام 1961 و«امرأة في دوامة» اخراج محمود ذوالفقار العام 1962.

وشهدت هذه المرحلة أيضا عددا من الأفلام الرومانسية التي عبرت فيها عن مشاعر المرأة الناضجة، او الزوجة التي يمكن ان تقع في الحب، او المرأة الوفية المخلصة لحبيبها والتي تنتظره مهما طال غيابه وتمثل ذلك في فيلمي «لوعة الحب» مع عمر الشريف، واخراج صلاح ابو سيف العام 1960 و«اغلى من حياتي» مع صلاح ذو الفقار، واخراج محمود ذوالفقار العام 1965 ثم «معبودة الجماهير» مع عبدالحليم حافظ، واخراج حلمي رفلة العام 1967، والذي قدمت فيه دور نجمة مشهورة تقع في غرام مطرب مبتدئ ومن هذا الفيلم اطلق النقاد على شادية لقب «معبودة الجماهير».

وقد ولدت قصة هذا الفيلم كما روى مؤلفه الصحافي الكبير الراحل مصطفى امين في الطريق من القاهرة الى الاسكندرية بينما كان مصطفى امين يصطحبها في سيارته الى الاسكندرية وتحدث ثلاثتهم في فكرة الفيلم واتفقوا على تنفيذه واسند اخراجه الى حلمي رفلة الذي كان اول مخرج عملت معه شادية وهوالذي قدمها وتعهدها برعايته واطلق عليها اسمها الفني الذي اصبح من اشهر الاسماء في الوسط السينمائي والغنائي الى يومنا هذا.

شادية الممثلة
----------------


في هذه المرحلة الناضجة بدا ان شادية كانت عازمة على ان تبني تاريخا لممثلة سينمائية لا تختلف عن ممثلات بارزات صنعن نجوميتهن من التمثيل وحده لا الغناء او التمثيل مع الغناء لتثبت انها موهبة فريدة وان كنز مواهبها لا ينفد.

وهنا دخلت شادية عالما جديدا هو عالم الأفلام الروائية لتقدم عددا من الروايات لكبار الكتاب مثل نجيب محفوظ الذي قدمت من ادبه اربعة افلام هي «اللص والكلاب» 1962، «زقاق المدق» 1963 «الطريق» 1964 و«ميرامار» 1969. كما قدمت «شيء من الخوف» قصة ثروت اباظة 1969، و«كرامة زوجتي» لإحسان عبدالقدوس، و«مراتي مدير عام» لعبد الحميد جودة السحار.
وتقول شادية انها تعشق كثيرا روايات نجيب محفوظ كما تعشق القراءة بوجه عام ومنذ اعتزالها اصبحت متفرغة لقراءة القرآن الكريم وتفسيره والأحاديث الشريفة.

وفي فترة الستينات ايضا ولإظهار موهبتها الفذة في التمثيل قررت شادية ان تقدم مجموعة من الأفلام دون ان تغني فيها،

وفعلا قدمت «اللص والكلاب» «الطريق» «مراتي مدير عام» و«كرامة زوجتي» واستطاعت ان تقدم اداء راقيا اقنع الجمهور الذي تقبلها كممثلة لا تغني بقدر تقبله لها كمطربة تمثل بل ان ذلك جعل صناع السينما انفسهم يعترفون بأنها ليست كسائر المطربات اللاتي دخلن مجال التمثيل وانها تختلف تماما عن اية مطربة عرفت طريقها الى كاميرات السينما.

وعن هذا الاتجاه تحدثت شادية نفسها قائلة: «اعتقد انني احببت التمثيل اكثر من حبي للغناء لأنني في فترة ضحيت بالغناء كنت اريد عمل حفلات لكني وجدتها مش حلوة في ذلك الوقت وفعلا ظللت اربع سنوات متوقفة عن الغناء الى ان اعادني بليغ حمدي بأغنية «ياسمراني اللون» وبعدها مجموعة الأغاني الجميلة «قولوا لعين الشمس» «وخلاص مسافر» وغيرهما وكلها نجحت وكانت فترة من أجمل فترات حياتي.

جرأة فنية
-----------
لقد كانت شادية تتمتع بجرأة فنية غير عادية لأنه ما من مطربة تقبل ان تضحي بالفن واللون الذي قدمها للناس بل ان المطربات عادة ما يطلبن اضافة اغنيات الى سيناريوهات الافلام التي يعملن بها.

ان جرأة شادية وحماسها للفكرة التي تؤمن بها دفعها الى قبول اعمال وهي تعرف انها ستخوض بسببها معارك طويلة ولا احد ينسى المعركة الشهيرة التي خاضتها مع الرقابة ببسب اعتراضها على بعض المشاهد والمواقف في فيلم «شيء من الخوف» الذي جسدت فيه دور «فؤادة» الشهير امام الفنان محمود مرسي الذي قدم شخصية «عتريس» وكان الفيلم من نوعية الميلودراما ويتناول قصة من قصص الظلم والاستبداد

ونظرا للضجة التي احدثتها شادية ضد الرقابة تدخل الرئيس جمال عبدالناصر وقتها العام 1969 حتى تسمح الرقابة بعرض الفيلم.

لكن اذا كانت شادية استطاعت ان تكسب معركتها مع الرقابة حول فيلم «شيء من الخوف» فإن الشيء نفسه لم يحدث مع فيلم آخر قدمته بعد عشر سنوات هو «رغبات ممنوعة» العام 1979 تأليف صبري موسى مع محمود المليجي، وإخراج اشرف فهمي ولا يزال هذا الفيلم غير مسموح بعرضه في مصر الى الآن رغم ان القنوات الفضائية تعرضه.

ومع ان شادية اختارت ذلك التوجه الجديد بتقديم الأفلام الدرامية والاجتماعية والابتعاد عن الغناء إلا انها وبما كانت تتمتع به من ذكاء فريد ارادت الا تفقد جمهور افلامها التي قدمتها في البداية الافلام الغنائية الخفيفة والكوميدية فكانت بين الحين والآخر تقدم فيلما به لمحات كوميدية ويشتمل على بعض الاغنيات الخفيفة مثل افلامها «منتهى الفرح» «الزوجة رقم 13» «عفريت مراتي» و«نصف ساعة زواج» والتي اخرجها لها جميعا المخرج فطين عبدالوهاب.

ومن خلال هذه الأفلام قدمت شادية عددا من اشهر وانجح اغنياتها الخفيفة مثل «سونه يا سنسن» و«حياة عينيك» «فارس أحلامي» و«ياروحي انا» وهذه الاغنيات هي التي حفظت لشادية صورتها القديمة «دلوعة الشاشة» كما واصلت من خلالها الارتباط مع الجمهور الذي كان يعشق منها هذه الاغنيات الخفيفة.

لكن عموما فإن الرصيد الغنائي لشادية تأثر كثيرا في فترة الستينات بابتعادها عن الاغنية السينمائية فضلا عن اقلالها في الحفلات الغنائية وانقطاعها ايضا عن الحفلات في مرحلة تالية الى ان اقنعها مصطفى امين بالعودة للغناء مؤكدا لها انها ستخسر الكثير بهذا الابتعاد ومع ذلك فإن رصيد شادية كفنانة وممثلة ظل كما هو لدى جمهورها الذي أحسن استقبالها في كل حالاتها.

مسيرة متنوعة
-----------------

ان السر في تفوق شادية وتألقها بالإضافة الى ذكائها وموهبتها انها كانت تتمتع بحاسة متميزة في الاختيار الموفق ما جعل مسيرتها السينمائية والغنائية شديدة التفرد والتنوع ايضا.

فقد كانت شادية منفتحة على كل ما هو جديد لدرجة انها قدمت في العام 1968 فيلما يابانيا باسم «جريمة على ضفاف النيل» تقاسمت بطولته مع الممثل الياباني الشهير في ذلك الوقت يوشيرو ايشيهارا، واخرجه ناجاجا وايوشي وصورت غالبية مشاهده بين مدينتي طوكيو واوزاكا.

وربما تكون شادية هي الفنانة الوحيدة التي عملت مع اكبر عدد من النجوم والمخرجين على امتداد مشوارها وهناك نجوم كونت معهم ثنائيات فنية ابرزهم كمال الشناوي الذي قدمت معه 30 فيلما، وصلاح ذو الفقار الذي قدمت معه فيلم <<عيون سهرانه>>قبل زواجهما ...واثناء زواجهما قدما معا اربعة افلام هي «اغلى من حياتي» «مراتي مدير عام» «عفريت مراتي» و«كرامة زوجتي»

لكنها عملت ايضا مع محسن سرحان وعماد حمدي وشكري سرحان، رشدي اباظة، يحيى شاهين، محمود مرسي، فريد شوقي، حسن يوسف، عمر الشريف، واحمد مظهر وانور وجدي واسماعيل ياسين وشكوكو اللذين شاركاها بطولة عدد كبير من الافلام،

وكذلك مع الكثير من المطربين مثل محمد فوزي الذي كان له فضل كبير في تقديمها سينمائيا وغنائيا، وفريد الاطرش وعبدالحليم حافظ الذي قدمت معه ثلاثة أفلام هي «لحن الوفاء» «دليلة» و«معبودة الجماهير» وكارم محمود ومن النجمات عملت مع فاتن حمامة، مريم فخر الدين، ماجدة، هند رستم،ليلى طاهر،مديحه يسري،ليلى فوزي،سعاد حسني،ناديه الجندي،سهير رمزي،ميرفت أمين،يسرا،ألهام شاهين،حياة قنديل،زهرة العلا،شويكار،سهير البابلي،لبنى عبد العزيز،سميحة ايوب، سناء جميل، ومع الفنانات زينات صدقي، امينة رزق، وفردوس محمد.

وبذلك تكون شاديه شاركت أكبر عدد ممكن من فنانات مصر قديما وحديثآ...في واحد من أقوى دروس التعاون والتواضع والمشاركه...وحب الغير وعدم حب الذات

نجمه شامله
---------------

كانت تكفيها نجومية واحدة، نجومية التمثيل، او نجومية الغناء، او النجومية الاكبر، نجوميتها في قلوب اهلها والمحيطين بها كإنسانة، لكن هذا النوع الثالث ما كان ليأخذ حجمه من التأثير دون واحدة من النجوميتين نجومية الغناء او التمثيل فما بالنا بها وقد جمعت النجومية من جميع اطرافها لكن تلك هي شادية الفريدة في كل شيء!

تضافرت بداية شادية كمطربة مع بدايتها كممثلة لتصنع تلك الصورة التي لا تزال تعيش في اذهان ووجدان الناس حتى الآن، صورة الدلوعة الشقية في الطريق الذي رسمه لها في البداية الفنان محمد فوزي بداية من فيلم «العقل في إجازة» العام 1947 واكمله منير مراد ثم كثير من الملحنين الذين عملت معهم وما اكثرهم حتى هؤلاء الذين قدموا معها أغانيها الكبيرة الشجية مثل محمد الموجي وبليغ حمدي كانوا ايضا يقدمون لها بين الحين والآخر ألحانا خفيفة.

مطربة الشباب
----------------

كانت شادية تخاطب الشباب بأغانيها الخفيفة وألحانها البسيطة وآدائها المرح واحساسها المفعم بالأمل فضلا عن رقة ملامحها الصغيرة خفيفة الظل استطاعت بأغانيها ان ترسم طموح الشباب والشابات وباتت الفتيات يقلدنها في تسريحة شعرها وملابسها ولذلك حملت لقب «مطربة المراهقات».

وفي هذه المرحلة وضع محمد فوزي ألحانا مناسبة لصوت شادية وادائها الرومانسي وغنت في فيلم «العقل في اجازة» انا بنت حلوة ...ولقيته وهويته ...ثم بدأت خطواتها مع الملحن محمود الشريف في «حبينا بعضنا» و«يا حسن يا خولي الجنينة» واحمد صدقي في «الشمس بانت» ثم كمال الطويل في ...عجباني وحاشته... ويا سارق من عيني النوم... ومحمد الموجي في ...شباكنا ستايره حرير...

كما جمعت شادية في افلامها بين مشاركتها غالبية نجوم السينما والغناء والمخرجين في افلامهم، جمعت ايضا كبار المؤلفين والملحنين الذين كتبوا لها اغنياتها فتحي قورة، مأمون الشناوي، مرسي جميل عزيز، ومحمد علي احمد، وحسين السيد، وربما تكون هذه احدى اهم مميزات شادية ان نجوميتها كانت نجومية جماعية فليس هناك نجم يقوم بنفسه فقط.

السينما في خدمة الغناء

---------------------------

ولولا ظهور شادية في السينما ومساندة عدد من الفنانين لها وفي مقدمتهم محمد فوزي لكانت شادية الآن مجرد مطربة اذاعية وفي رأي عدد كبير من النقاد انه لو حدث ذلك لكانت ملامح كثيرة تغيرت للأغنية السينمائية المصرية التي نشأت مع نشأة السينما الناطقة في مصر ثم ماتت بسبب موجة الاغنية الهابطة.

لقد استطاعت شادية ان تنافس ليلى مراد على الصدارة في الاغنية السينمائية وكانت ليلى مراد في ذلك الوقت هي نجمة الشباك الاولى واغلى نجمة في السينما واستطاعت شادية في سنوات ان تصل الى المكانة التي وصلت اليها ليلى مراد وباتت في سنوات الستينات وما قبلها هي نجمة الشباك الاولى لا تنافسها على ذلك إلا الاسطورة صباح رغم اختلاف لونهما.

ومع ذلك فإن شادية اوشكت في بعض مراحلها على الاستغناء عن فنها الاول الغناء الذي اوصلها الى شاشة السينما لتكتفي بفن التمثيل رغم ان نجاحها في السينما جاء من خلال صوتها وادائها الغنائي الخاص قبل اي شيء.

ولو ان شادية وان كانت بالفعل ممثلة كبيرة اضطرت بشكل ما الى ان تبدأ حياتها على الشاشة ممثلة فقط وتستمر متجاهلة موهبتها الغنائية لفقدت نصف مجدها الفني على الاقل فبفضل الغناء استطاعت ان تكتشف موهبتها كممثلة كما ان المخرجين والمنتجين اكتشفوها كفنانة مزدوجة الموهبة تغني وتمثل على الشاشة وهذه الموهبة المزدوجة نفسها هي التي قادتها فيما بعد الى بطولة مسرحية «ريا وسكينة» التي لم يشهد المسرح الغنائي منذ سلامة حجازي ومنيرة المهدية مسرحية أنجح منها.

خدعة فنية
------------
وفي رأي بعض النقاد ان شادية اقتنعت او تظاهرت بأنها مقتنعة بأنها بطلة سينمائية لا يصح ان تخلط التمثيل بالغناء وكأنهم قالوا لها حينئذ ان الممثلة الكبيرة لا يجب ان تغني فكل مطربة يمكنها ان تغني لكن لا تستطيع ان تمثل لكن تلك كانت خدعة فنية في رأيهم اذ صور لها البعض ان الجمع بين الغناء والتمثيل على الشاشة سيقلل من هيبتها الفنية كممثلة لا تقل جماهيرية عن فاتن حمامة وسعاد حسني وهند رستم في الستينات اي في الفترة التي هجرت شادية خلالها الاغنية السينمائية واكتفت بالتمثيل.

لكن شادية اعترفت فيما بعد بأنها كانت تحب التمثيل اكثر من الغناء ولذلك ابتعدت عن تقديم الاغنية في بعض افلامها وقد لاحظ بعض اصدقائها والمعجبين بها ذلك وتبين لهم ان هذا القرار قد يضرها وكان صاحب اكبر فضل في عودتها عن هذا القرار هو الكاتب الصحافي مصطفى امين كما سبق وبينا.

لقد بنيت نجومية شادية على سمعتها الفنية كمطربة ذات صوت خاص واداء متفرد لا ينافسها فيه مطربة اخرى رغم وجود مطربات سينمائيات حققن شهرة ونجاحا كبيرين مثل ليلى مراد وهدى سلطان وصباح لكن شادية استطاعت ان تنجح في السينما بصوتها وادائها الغنائي الفريد فصارت اكثر المطربات قربا الى جمهور واسع من الشباب والشابات الذين حفظوا ولا يزالون اغنياتها عن ظهر قلب، وليس الشباب فحسب فقد استطاعت شادية ان ترسم لنفسها صورة فتاة احلام الجميع من الاطفال الى الشيوخ بما تتمتع به من فطرة فنية من المستحيل وأدها او الاستغناء عنها في اي وقت.

شادية والقصيدة

------------------

لقد اعتادت شادية ان تفاجئ الجميع بكل ما هو غريب وفريد فمن كان مثلا يتصور ان هذه الفتاة التي رسمت ملامح جديدة للمطربة المرحلة الشقية خفيفة الظل تقبل على غناء القصائد.
لم تكن هناك مطربة مثل ام كلثوم توسعت في غناء القصائد العربية الفصيحة، بل انها في ذلك تفوقت ربما على جميع المطربين والمطربات وفتحت باب هذا الفن امام تلميذاتها اللاتي التقطن منها اسرار صناعة الغناء ونجحت في هذا المضمار اسمهان وسعاد محمد وفايزة احمد ونجاح سلام وفيروز ونجاة الصغيره .

لكن اللافت للنظر في امر اشهر مطربات عصر ام كلثوم انهن انصرفن عن غناء القصائد ربما لأنهن كن بطلات افلام غنائية خفيفة فلم تغن ليلى مراد او رجاء عبده او صباح او هدى سلطان قصائد في السينما رغم حرص ام كلثوم وعبدالوهاب واسمهان على تقديم القصائد في افلامهم.

ومع ان شادية كانت اشهر مطربات الاغاني السريعة الخفيفة في الافلام المصرية خرجت على اجماع المطربات وكسرت القاعدة وغنت بعض القصائد في افلامها وحفلاتها ولم تجد صعوبة في اقناع جمهورها بها رغم انها كلها كانت قصائد من الوزن الثقيل وقد تنبه الى تلك القدرة لدى شادية الموسيقار الكبير الراحل رياض السنباطي الذي قال عنها في حديث له في الخمسينات

«ان صوت شادية من الاصوات الصالحة لغناء القصائد نظرا لصحة مخارج الفاظها وتفهمها لمعاني الابيات واحساسها بها».

وفي فيلم «اشهدوا يا ناس» قدمت شادية قصيدة «قل ادع الله ان يمسسك ضر» التي لحنها كمال الطويل وكتبها والده المهندس الراحل محمود زكي الطويل وكانت في بداياتها الفنية ولحن لها كمال الطويل بعد ذلك قصيدة اخرى هي «يا ارحم الراحمين».

كما لحن رياض السنباطي لها في العام 1968 قصيدة للشاعر نزار قباني تحمل اسم «القدس» بعد نكسة يونيو 1967 بعام واحد ويقول مطلعها:

«
صليت حتى ملني الركوع
وبكيت حتى ملت الدموع
»

وفي العام 1970 لحن لها من شعر محمود حسن اسماعيل قصيدة اخرى بعنوان «اغلى شعاع» وللشاعر نفسه كان رياض السنباطي لحن لها في نهاية الخمسينات قصيدة «انتفاضة» وكانت تدور حول الوحدة بين الشعوب العربية.

ان غناء القصيدة هو اكبر دليل على ان شادية كانت تتمتع بخامة صوتية خاصة، كما انها كانت تملك القدرة على التنقل بين اطراف الغناء من اخفها الى اثقلها وهذا ما جعل شادية دائما حالة خاصة وفريدة وما قد يجعلنا نختلف معها عندما نقول انها احبت التمثيل اكثر من الغناء، او ربما انها كانت تقصد بذلك الغناء في الأفلام على اية حال فإن شادية عادت للغناء في افلام السينما سواء في الستينات او في السبعينات على نحو ما سنرى فيما بعد...

شاديه ومواقف خاصه
-----------------------

: لم تكن شادية هي فقط ذلك الصوت الجميل، الذي يعززه شــكل جميل وخفة روح جعلــتها أوسع النجمات انتشارا لدى الجمهور، غــناء وتمثــيلا، بل ان أهم ما يميز شادية انها سلكت طريقا خاصا بها، وعاشــت كل مرحلة من مراحل حيــاتها الفنــية بروح خاصة تناسب هذه المرحلة.

وحتى عندما اقتضى الأمر أن تبتعد عن الغناء في أفلامها نزولا على رغبة بعض المخرجين الذين أقنعوها بأن الغناء يقطع السياق الدرامي للفيلم، كانت أيضا متميزة في أدائها وجذبت اليها جمهور السينما كممثلة، لكنها تبقى مع كل ذلك حالة خاصة في الغناء.

وفي الغناء كانت شادية أكثر تألقا من كل زميلاتها بعد عصر أم كلثوم، فبعد وفاة أم كلثوم تزاحمت المطربات على مكانها الشاغر لدرجة ان مطربة أطلقت على نفسها لقب سيدة الغناء العربي وأطلق عليها بعض النقاد «سيئة الغناء العربي»، ولم يقف بعيدا عن هذا التزاحم سوى مطربتين فقط هما شادية وفايزة أحمد.

وكانت شادية هي المطربة الوحيدة التي بلغ رصيدها من الأفلام السينمائية نحو مئة فيلم ما بين غنائي وغير غنائي قدمت فيها 500 أغنية، وكانت المرة الوحيدة التي ترفض تقديم أغنية في أحد أفلامها عندما رفضت غناء طقطوقة لحنها لها الموسيقار محمد عبدالوهاب، هي طقطوقة «بسبوسة» التي لحنها لتغنيها في فيلم «زقاق المدق» قصة نجيب محفوظ العام 1963،

ولم يكن لهذا الرفض علاقة بقرارها الخاص بالابتعاد عن الغناء، وانما لأنها شعرت بأن هذه الأغنية لا مكان لها في الفيلم، وانها ستبدو محشورة في سياق الفيلم، وظلت هذه الأغنية حبيسة لدى عبدالوهاب الى ان قرر إهداءها للاذاعة المصرية.

ان هذا الرفض يعكس ملمحا مهما في شخصية شادية، التي كانت تملك رؤية ووجهة نظر فيما تعمل، لقد رفضت أغنية محمد عبدالوهاب، الذي كان الغناء من ألحانه حلما لأية مطربة، وهذا يعكس الى أي مدى كانت تحرص على كل التفاصيل الخاصة بعملها، وبذلك كان النجاح حليفها دائما.

وهكذا كانت هذه بدايةالنهايه لعلاقات العمل بين شاديه وعبد الوهاب...الذي تحترمه وتحبه كثيرى ورغم ذلك رفضت أن تغني له غنوة في فيلم أحست أنها (محشوره)...

رغم أن غيرها كان سيطلب حشر غنوة في موقف لايقتضيه الفيلم من أجل أن يلحن له عبد الوهاب...

وهذا موقف شجاع آخر تتذكره الأيام لشاديه العملاقه التي لاتخشى الا الله

دويتو السينما والغناء

-----------------------

في الغناء، كما في السينما، كانت شادية أقرب النجمات الى كل زملائها وزميلاتها، فمثلما شاركت غالبية نجوم السينما في أفلامها، وكانت نجمة الدويتو السينمائي، كانت هي أيضا أكثر من قدم الدويتو الغنائي،

منذ بدايتها مع محمد فوزي، وكارم محمود، وعبدالحليم حافظ وفريد الأطــرش، وكذلك مع عدد من الممثلين، مثل كمال الشناوي، وفاتن حمامة التي قدمت معها واحداً من أشهر الــدويتوهات السينمائية «آلو آلو احنا هنا»، كما قدمت الاسكتشات الخفيفة مع شكوكو واسماعيل ياسين.

فمنذ أول أفلامها «العقل في اجازة» سنة 1947 غنت شادية مع محمد فوزي دويتو «متشكر»، الذي كان خفيفا وطريفا، لكن نظر اليه البعض على أنه ساذج، وهذا الفن، المعروف بالديالوج، معروفا ومتداول باسم «الدويتو»، هو ثمرة من ثمرات المسرح الغنائي، وقد ضربت شادية الرقم القياسي في عدد الديالوجات التي اشتركت فيها مع الأصوات الرجالية والنسائية أيضا متفوقة في ذلك على ليلى مراد ذات الديالوجات المشهورة.

تاريخ خاص
-----------

وتاريخ شادية في هذا المجال يبدأ منذ اليوم الأول الذي عرفت فيه طريقها الى بلاتوهات السينما، ولا ينتهي الا في اليوم الذي أتمت فيه عرض مسرحية «ريــا وسكــينة»، العام 1986.
فبعد الدويتو الأول لها مع محمد فوزي في فيلم «العقل في اجازة» اشتركت معه ثانية في دويتو «زفة ال****ة» في فيلم «الزوجة السابعة» الذي انتجه محمد فوزي العام 1950 ثم في دويتو «الحب له أيام» في فيلم يحمل الاسم نفسه العام 1954.

ثم كان دويتو «لحن الوفاء» الذي قدمته مع عبدالحليم حافظ في الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه في العام 1955، الذي حقق نجاحا كبيرا ولا يزال يذكر كلما جرى الحديث عن فن الدويتو الغنائي،

وقبل ذلك كانت قدمت دويتــو مع فــاتن حــمامة في فيلم «موعد مع الحياة» الذي شاركت في بطولته مع فاتن حمامة وكمال الشناوي وحسين رياض ولا يــزال يذاع في مناسبات النجاح، ويقول مطلعــه «آلــو آلو احــنا هــنا ونجحنا اهــو في المدرسة، بارك لنا وهات لنا وياك هــدية كويسة»، وهو من أطــرف الدويتــوهات التي قدمت في السينما.

مع الممثلين والمطربين

-------------------------

وفاتن حمامة هي أول ممثلة غنت معها شادية، أما آخر ممثلة فكانت سهير البابلي التي اعتزلت وارتدت الحجاب ايضا، واللتان شاركتا معا في دويتو في مسرحية «ريا وسكينة» ومعهما الفنان عبدالمنعم مدبولي، هو دويتو «ناسبنا الحكومة»، الذي لا يزال يتردد على الألسنة حتى يومنا هذا، وقــدمت مع سهير البابلي في المسرحية نفسها دويتو «اشاعات اشاعات».

أما المطربة الوحيدة التي اشتركت معها شادية في دويتو، فهي سعاد مكاوي التي غنــت معــها في أوبريت في فيلم «لسانك حصانك»، بطولتها مع كارم محمود، العام 1952، والذي قدمت فيه مع كارم محمود أيضا دويتو «لسانك حصانك»....كذلك ثريا حلمي التي شاركت بالصوت فقط في غناء أكثر من ديالوج في فيلم ...(أضواء المدينه)


رحلة مع العندليب

-------------------

وكانت رحلة شادية مع فن الدويتو رحلة خاصة، لا سيما مع عبدالحليم حافظ، الذي قدمت معه العام 1955 دويتو «لحن الوفاء»، فقد قدمت معه في الفيلم نفسه دويتو آخر هو «احتار خيالي» لحن حسين جنيد، ودويتو ثالثاً هو«تعال أقول لك» الذي كتبه فتحي قورة، الذي ألف لها عددا كبيرا من أغانيها الخفيفة، ولحنه منير مراد، الذي رافقها في مشوارها مع الأغنيات الخفيفة ايضا.

وبذلك تكون شادية قدمت مع عبدالحليم في فيلم «لحن الوفاء»، الذي أخرجه ابراهيم عمارة، وحده ثلاثة دويتوهات من ابدع الدويتوهات التي عرفتها السينما والغناء في هذا اللون.

وتوالت الدويتوهات بين شادية وعبدالحليم حافظ الذي كان ينظر اليه على أنه نجم الرومانسية الأول في الخمسينات والستينات، وحتى رحيله في السبعينات، فكانت الدويتوهات بينه وبين شادية تجذب الجمهور الذي افتتن برومانسية وعواطف الفنانين الشابين، التي كانت في الحقيقة تعبيرا عن رومانسية شباب هذه الفترة.

وفي العام 1956 أنتج عبدالحليم حافظ لنفسه أول فيلم، هو فيلم «دليلة»، الذي صور (سكوب وألوان)، وكان ذلك حدثا فنيا في ذلك الوقت وقدما فيه دويتو «احنا كنا فين»، لكن العدوان الثلاثي الذي وقع على مصر أواخر ذلك العام أثر على نجاح الفيلم، فلم يحقق النجاح الذي حققه «لحن الوفاء»،وأشتركا في الفيلم بغناء دويتو..(أحنا كنا فين)

وكان أسوأ منه حظا فيلم «معبودة الجماهير» الذي أنتجه عبدالحليم أيضا، وصور بالألوان كذلك، وكتب قصته الصحافي الكبير مصطفى أمين، الذي اتهم في قضية تخابر مع أميركا، فتأجل عرض الفيلم الى العام 1968، ويقال ان قصة هذا الفيلم هي نفسها القصة الحقيقية لزواج أم كلثوم من الملحن محمود الشريف وكانا تزوجا سرا العام 1946، وانفصلا تحت ضغوط شديدة من المحيطين بأم كلثوم.

مع كل المطربين

------------------

وفي هذا الفيلم قدمت شادية مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ دويتو «حاجة غريبة»،

وفي الوقت نفسه الذي كانت شادية تقدم فيه الدويتوهات مع عبدالحليم حافظ التقت أيضا مع فريد الأطرش في عدة دويتوهات، ففي فيلم «ودعت حبك»، الذي عرض في العام 1957 عقب العدوان الثلاثي على مصر، قدمت معه دويتو «احنا لها نفدي العروبة وأهلها»، كما قدمت في فيلم «انت حبــيبي» دويتو خفــيف الــظل يتناسب مع أحداث الفيلم الذي كان فيلما كوميديا خفيفا وكان دويتو «يا سلام على حبي وحبك»،وأدت معه أيضا في هذا الفيلم مقاطع من أغنية «زينة».

لقد أدت شادية دويتوهات مع كل المطربين البارزين، ففي بداية العام 1957 ظهر المطرب كمال حسني، الذي أحدث ضجة وقتها، وقيل انه سيزيح عبدالحليم حافظ عن مكانه ومكانته التي حققها في ذلك الوقت، ويجلس بدلا منه على عرش الغناء الجديد.

ولأن شادية كانت تتميز برقة المشاعر، وبروح ايجابية في التعامل مع الفنانين الجدد، وتعمل على مساعدتهم، فقد وافقت على طلب منتج فيلم «ربيع الحب» ان تظهر في الفيلم لمساندة المطرب كمال حسني، كما سبق وســاندت عبدالحليم حافظ في بدايــته، ولم تخيب شادية رجــاء المنتج، ووافقت، ونجح الفيلم وغنت مع كمال حسني دويتو «لو سلمتك قلبي واديتك مفتاحه».

كما غنت شادية مع المطرب الراحل محمد الكحلاوي دويتو «جواب يا جميل» في فيلم اسمه «الصبر طيب» العام 1952، ومن الطريف ان شادية صاحبة الصوت الرقيق شاركت المطرب عزيز عثمان الذي كان يعتبره النقاد والوسط الفني أسوأ صوت، دويتو في فيلم «ساعة لقلبك» العام 1952، لكن عزيز عثمان كان خفيف الظل ويجيد الأداء ما جعله محبوبا ومقبولا لدى الجمهور، كما غنت أيضا في دويتو مع المطرب جلال حرب.

مكانة خاصة
-------------

لقد كان للنجاح الذي حققته دويتوهات عبدالحليم حافظ وشادية أثر كبير في نفس عبدالحليم حافظ الذي حظي بمساندتها الكبيرة في أفلامه الأولى، والتي كان لها أثر كبير بعد ذلك في انطلاقته الكبيرة وفي القمة التي وصل اليها.

ولذلك كان من الطبيعي ان يكون لشادية مكانة خاصة عند عبدالحليم حافظ، ولذلك قال عنها: «شادية هي الصديقة التي احترم فنها، وهي المفضلة عندي كمطربة وممثلة», وقد كانت هذه الكلمات كافية للتعبير عن علاقة الصداقة القوية التي ربطت بين اثنين من أبرز وأرق الفنانين في تاريخ السينما والغناء في مصر والعالم العربي،

تلك الصداقة التي نشأت وتوطدت من خلال العديد من اللقاءات التي كان يحضرانها في مجلس الصحافي الكبير مصطفى أمين، الذي كان له دور كبير في مساندة المواهب وتسليط الأضواء عليها وفتح الأبواب أمامها.

وللعجب فإن شركة «صوت الفن» التي كان يملكها العندليب الراحل مع الموسيقار محمد عبدالوهاب اصدرت مؤخرا ألبوما غنائيا يضم أغاني فيلمي «لحن الوفاء» و«دليلة»، وتجاهلت تماما وضع اسم وصورة شادية الى جوار صورة عبدالحليم حافظ على الألبوم مع انه تضمن الدويتوهات التي قدماها معا، الى جانب أغنــيتين فقط لعبدالحليم هما «على قد الشوق» و«حـبيب حياتي».

ولو كان العندليب الراحل لا يزال حيا حتى الآن لما كان هذا الخطأ قد وقع بالتأكيد، ذلك انه كان يكن تقديرا خاصا للفنــانة الكبــيرة التي ساندته في بداية مشواره، عندما كانت نجمة ملء السمع والبصر، تعمل مــنذ أحد عشــر عاما بينما كان هو يبــدأ أولى خطــواته في السينما، وكان اسمها يسبق اســمه دائما في الأفلام الــثلاثة التي قــدماها معا «لحن الوفاء»، «دليلة» و«معبودة الجماهير».

كان هذا هــو أحد الملامح العديدة لشخصية شادية المطربة، وللون من الألوان الفريدة التي تميــزت بها، لكن هنــاك العــديد من الملامح الأخرى للمــطربة التي هبت نسمات صوتها الرقيقة تعــطر أرجاء الــوطن العربي الكبير، ولا يزال صداهــا العــذب يرن في الآذان، صفحات كثيرة مليئة بأعذب النغمات.

........





يتبع........



 توقيع : أبتسامة أمل

🌷🌷🌷🌷

رد مع اقتباس
قديم 06-11-2011, 01:16 PM   #2



الصورة الرمزية أبتسامة أمل
أبتسامة أمل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 543
 تاريخ التسجيل :  Aug 2010
 أخر زيارة : 01-29-2024 (11:03 PM)
 المشاركات : 8,275 [ + ]
 التقييم :  5309
 معدل التقييم : أبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond repute
 مزاجي
 MMS ~
MMS ~
 اوسمتي
البرونزي 
لوني المفضل : Darkgreen
عدد الترشيحات : 4
عدد المواضيع المرشحة : 2
رشح عدد مرات الفوز : 2
شكراً: 861
تم شكره 1,107 مرة في 612 مشاركة
افتراضي







التنوع
-------


في اغنياتها الخفيفة والعاطفية ...والوطنية منها كانت شادية هي الصورة الزاهية فضلا عن كونها كانت في السينما وذلك التجدد الدائم والبريق الذي لا يختفي لمعانه.


وفي هذه الحلقة نلقي الضوء على مرحلة مهمة في حياتها تكمن في العودة الى الغناء.

شادية التي غنت «كسفتيني يا سنارة» «يا دبلة الخطوبة» «شباكنا ستايره حرير» «كلمته سمعت حسه» ...وهي شادية «بوست القمر» و«قولوا لعين الشمس ما تحماشي» ...وهي صوت مصر الذي غنى للوطن «يا حبيبتي يا مصر» «يا ام الصابرين» «عبرنا الهزيمة» «مصر نعمة ربنا» و«حياة رب المداين» واقوى من الزمان ...و«الاولة مصر» وهي صوت الوطن الكبير «وطني حبيبي وطني الاكبر» وهي على الشاشة امال ومنى وفؤادة وكل بنت مصرية شقية تعرف لغة الحب.

الأسس
---------
منذ اليوم الأول لدخولها الحقل الفني وضعت شادية لنفسها اسسا معينة تسير عليها لكن الظروف دفعتها مرة واحدة لكسر هذه القاعدة مرة او مرتين على مدى مشوارها الطويل، ويقول الشاعر الغنائي والكاتب محمد حمزة ان اهم هذه الأسس هو عدم تسجيل اية اغنية قبل اجراء بروفات عدة موسيقية على اللحن ولم يحدث استثناء لهذه القاعدة إلا مرة واحدة فقط عقب رحيل الزعيم جمال عبدالناصر مباشرة عندما اسمعها الموسيقار الراحل بليغ حمدي لحنا تقول كلماته «متقولوش الشمعة غابت، متقولوش ده غاب الضي، مهما يغيب اللي بنى، مهما يغيب في قلوبنا حي».


في ذلك اليوم لم تجد افراد الفرقة الموسيقية لأن الجميع كانوا في حال حزن عميق لكن اقتناعها باللحن واصرارها على التعبير عن حبها لعبدالناصر جعلها تتصل بالعازفين واحدا واحدا لتحدد معهم موعدا في الاستديو لتسجيل اللحن،

وفي الموعد المحدد ذهبت واجرت بروفة واحدة فقط مع الموسيقيين ثم قامت بتسجيل اللحن ودفعت تكاليف تسجيل اللحن بالكامل من مالها الخاص.




شعور وطني متدفق
----------------------


لقد سقت هذه الحكاية للتدليل على ملمح مهم من ملامح شخصية شادية التي كانت تتمتع بشعور وطني متدفق انها المطربة الكبيرة الوحيدة التي لم تغن لحاكم يومآ ...لكنها ويوم رحيل عبدالناصر تصر على الغناء لأنها كانت تنظر الى هذا الزعيم على انه رمز للأمة كلها لا قائد لبلده مصر فقط.


وتبدي هذا الحس الوطني الجياش في الكثير من روائعها الوطنية التي عبرت فيها عن مصر في كل المناسبات الوطنية الكبرى وآخرها تحرير سيناء في العام 1986 عندما غنت «مصر اليوم في عيد» تلك الاغنية التي حققت انتشارا فاق كل تصور.

وفي مجال التعبير عن حب الوطن تصاعد شعورها الجارف ليحيط بأدائها ويغلفه بالكامل فكانت وطنياتها الرائعة مثل «يا أم الصابرين» «غالية يا بلادي» ...بعد الهزيمه والنكسه...و«عبرنا الهزيمة» ألحان بليغ حمدي والتي تغنت بها في فترة انتصارات اكتوبر 1973 وكذلك «رايحة فين يا ****ة» لحن علي اسماعيل، و«الاولة مصر» ومصر نعمة ربنا من الحان محمد الموجي (...وحياة رب المداين)... (مصر اليوم في عيد)... الحان جمال سلامة ورائعتها (اقوى من الزمان) مع عمار الشريعي.

تنوع غنائي
------------


ان شادية المطربة هي نفسها شادية الممثلة وهي في الحالتين ذلك التنوع الذي يندر ان نجد له مثيلا في فنانة اخرى كما انها عبرت عن مشاعر المراهقات والشباب في الخمسينات والستينات كانت ايضا قمة في النضج العاطفي والانساني في السبعينات والثمانينات وكما كانت صوت مصر الذي هتف للثورة ولانتصارات اكتوبر وتحرير الارض كانت الاحساس في ذروته وهي تغني مشاعر الحب.


وفي سنوات السبعينات والثمانينات ورغم انشغالاتها السينمائية والمسرحية ايضا كانت شادية انشط المطربات في احياء الحفلات الغنائية وفي غنائيات الحفلات كان مسك ختامها من الحان الموسيقار كمال الطويل في اغنية «رحلة العمر»....وتلتها بأغنيه نادره ولم تذاع سوى في يوم غنائها وهي غنوة...(الناس كلامهم غيرك) هي أطول ماغنت شاديه في الحفلات...ومن ألحان الموسيقار ..(محمد علي سليمان )

وقبل ذلك قدمت شادية اغنيات (احلف ماكلمته) لحن محمد الموجي ...(اصالحك بإيه) لمحمد علي سليمان ...(ليلة سهر)... (آخر ليله)...و(خلاص مسافر)لبليغ حمدي...( مسيرك حتعرف)... لمحمود الشريف ...(أجمل سلام)... لأحمد صدقي...( همـــس الحــــب)... لسيد مكاوي ...(يا روح قلــــــبي)... لابراهيم رأفــــت ...(اتعودت عليك)... (والحب الحقيقي)...(لو القلوب أرتاحوا) لخالد الامير...

وكانت شادية هي مفتاح الحظ لملحني ومؤلفي اغنياتها تماما كما كانت بالنسبة للممثلين والمخرجين الذين عملت معهم في السينما ومن بين المؤلفين الذين حصلوا على فرصتهم الأولى معهم ...(عبدالرحمن الابنودي... ومجدي نجيب...وعبد الرحيم منصور...) ومن الملحنين (خالد الامير...وأبراهيم رأفت...وجمال سلامه... وعمار الشريعي....ومحمد علي سليمان...وأخيرآ...(عبد المنعم البارودي ) ملحن آخر أغنياتها...(خد بأيدي)

ولحبها الشديد للأطفال والذي كان جانبا شديد التأثير والخصوصية في حياتها قدمت لهم في افلامها عددا من الاغنيات مثل «سيد الحبايب يا ضنايا انت» «يا نور عيني واكتر» و...(ياختي عليه)... كما قدمت لهم البوما كاملا من الحان عمار الشريعي بعنوان (مع بعضينا)....

......




أضواء المدينة
---------------


كانت حفلات اضواء المدينة التي تقدمها الإذاعة المصرية في الستينات والسبعينات نافذة مهمة جدا لظهور المطربين في حفلات عامة للجمهور وكان لهذه الحفلات دور كبير في تقديم الاصوات الجديدة الى جانب نجوم الغناء وكانت شادية الى جانب الاسطورة صباح وعبدالحليم حافظ من المع نجوم اضواء المدينة لأنهم جمعوا جمهور الغناء وجمهور التمثيل اضافة الى جمهور اضواء المدينة ذاتها والذي يعد بالآلاف.


وقد اختارت شادية اضواء المدينة لتظهر من خلالها وتطل على جمهورها في يونيو 1970 بعدما انقطعت عن الغناء بضع سنوات وتفرغت للتمثيل السينمائي وفي هذه الفترة تعاونت شادية مع المؤلفين والملحنين الذين تميزوا بغزارة الانتاج وتنوعه مثل مجدي نجيب ...وعبدالرحمن الابنودي ...ومحمد الموجي ...وبليغ حمدي...

وتنوع انتاجها ايضا ما بين الاغاني العاطفية والشعبية والريفية وغيرها واستطاعت شادية ان تستعيد تفوقها الغنائي مرة اخرى بعد ان كان تأثر بقرارها عدم الغناء في الافلام في سنوات الستينات إلا قليلا.

شادية الممثلة
----------------


سنعود هنا ايضا الى الحديث الذي انقطع عن شادية الممثلة لأنه لا يمكن ان ننتزع هذه الفنانة من سياقها الطبيعي الذي يجمع بين التمثيل والغناء بنفس القدر من التميز والاداء والتوهج في الحضور والتألق كنجمة ذات اسلوب خاص ومكانة متفردة.


ودخلت شادية في فترة السبعينات وفي نيتها ان تعوض ما انخفض من رصيدها الغنائي الذي تأثر تأثيرا كبيرا بسبب قرارها الذي تحدثنا عنه فضلا عن ان المناخ السينمائي في هذه الفترة لم يكن يدفع الى الحماس وبعد ان كانت شادية تقدم في العام الواحد 12 فيلما احيانا لم تقدم طوال 14 عاما من العام 1970 الى العام 1984 الا احد عشر فيلما فقط بدأتها بفيلم «نحن لا نزرع الشوك» قصة الكاتب الراحل يوسف السباعي واخراج حسين كمال وانهتها بفيلم لا تسألني من انا قصة احسان عبدالقدوس واخراج اشرف فهمي وظهرت فيه شادية في دور ام مع مجموعة من شباب الممثلين كان من بينهم يسرا.

اختيارات مناسبة
------------------


ولم يتخل عن شادية ذكاؤها الذي رافقها طيلة مشوارها وكما كانت اختياراتها دائما مناسبة لكل مرحلة من مراحل حياتها سواء في الغناء او التمثيل كانت اختياراتها في هذه المرحلة ايضا تتناسب مع نضجها الفني والانساني وكانت بداية تباشير هذه المرحلة في حياة شادية مع فيلم «المرأة المجهولة» الذي ظهرت فيه في دور الأم فظهرت اما لشكري سرحان الذي سبق ان ظهرت معه في عدد من الادوار في دور حبيبته وجاء اداؤها في هذا الفيلم قويا وعرفت شادية طريقها الى الجوائز منذ هذا الفيلم الذي قدمته العام 1959.


في هذه المرحلة ودعت شادية دور الفتاة الساذجة او البائسة او المغلوبة على امرها او الشقية وجاءت ادوارها في معظمها تتنوع ما بين الزوجة والام وان كانت بين الحين والآخر تقدم فيلما به لمحات كوميدية يعيد الى الذاكرة شادية الفتاة الشقية مثل فيلم اضواء المدينة الذي قدمته العام 1972 مع عدد كبير من نجوم الكوميديا ابراهيم سعفان عبدالمنعم ابراهيم، جورج سيدهم وعادل امام وحسن مصطفى، وغيرهم وشارك في بطولة الفيلم ايضا الفنان احمد مظهر الذي سبق أن شاركها بطولة فيلم لوعة الحب العام 1960 وكان معهما عمر الشريف

واخرج فيلم اضواء المدينة فطين عبدالوهاب الذي كان متخصصا في اخراج الافلام الكوميدية واخرج عددا كبيرا من افلام اسماعيل ياسين ويعد هذا الفيلم تجربة خاصة ومختلفة اكدت ان نجومية شادية لم تكن تغيب ابدا مهما كان عدد النجوم الذين يظهرون معها وجاء الفيلم نموذجا للفيلم الاستعراضي الكوميدي الراقي.

برعت شادية في مرحلتها الجديدة ايضا ورغم انها لم تنجب طيلة حياتها الا انها استطاعت تقديم دور الأم بكل براعة ووعي.


..



بين المسرح والسينما والإذاعة
----------------------------------


ورغم المشوار الطويل لشادية مع الفن الا ان المسرح لم يرد بين اهتماماتها في اية مرحلة الا في المرحلة الاخيرة عندما قدمت مسرحية «ريا وسكينة» العام 1983 ولمدة ثلاث سنوات مع عبدالمنعم مدبولي سهير البابلي واحمد بدير واخراج حسين كمال الذي عمل معها ايضا مخرجا في السينما


وقد ترددت شادية كثيرا امام فكرة الوقوف على المسرح كممثلة ذلك انها في السينما كانت توضع في مصاف كبار نجماتها مثل فاتن حمامة، صباح، ماجدة، هند رستم، مديحة يسري، وغيرهن...

ونجحت شادية نجاحا منقطع النظير في المسرح واستمرت تقدم المسرحية ثلاث سنوات ولم تتوقف إلا بسبب مرضها وسفرها الى اميركا للعلاج.

ان كل شيء في حياة شادية كان يؤكد نجاحها وذكاءها وتنوعها وقد اكتشفت ذلك من نفسها واستفادت كثيرا بكوكبة من المحيطين بها من ألمع نجوم الفن والصحافة والأدب الذين لم يبخلوا عليها بالنصح والتوجيه والمشورة الصادقة.

وقد امتد عطاء شادية من الغناء الى التمثيل سواء في السينما او المسرح او الاذاعة التي قدمت لها سبعة مسلسلات خمسة منها للإذاعة المصرية هي ...جفت الدموع ...نحن لا نزرع الشوك ليوسف السباعي... وسنة اولى حب لمصطفى امين... وصابرين لجاذبية صدقي... والشك يا حبيبي لسمير عبدالعظيم ...ومن بين هذه المسلسلات عملان عادت وقدمتهما للسينما هما ...(نحن لا نزرع الشوك والشك يا حبيبي) اما المسلسلان الآخران فأحدهما لمونت كارلو هو مسلسل (وسقطت في بحر العسل)...ومسلسل لإذاعة الكويت كتبه وجدي الحكيم هو (شيء من الحب)...

أنشودة الوداع
---------------


كانت شادية في السنوات الاخيرة التي عملت بها في الفن، ومنذ مرضت اثناء عرض مسرحية «ريا وسكينة» وكذلك بعد وفاة شقيقها محمد وطاهر بدأت تشعر بأن شيئا ما يشدها الى عالم بعيد عن حياة الفن والاضواء، عالم اكثر صفاء تتفرغ فيه للعبادة والصلاة ...


لقد جاء آخر ظهور لشادية في احتفالات المولد النبوي الشريف العام 1986 ويومها انشدت خد بإيدي وكأنها مناجاة للرسول صلى الله عليه وسلم ان يهديها الى الطريق الذي تنشده وفجأة اعتزلت شادية ابرز نجمات الغناء والتمثيل التي عرفت النجاح في كل خطواتها ...

وفجر اعتزالها الكثير والكثير من الشائعات والاقاويل ومع انها انسحبت من عالم الفن الا ان هالة الضوء لم تنسحب بعيدا عنها وظلت لسنوات طويلة تدور حولها الشائعات والاحاديث لكنها كانت اختارت طريقها ولم يكن هناك مجال للتراجع.

أغنية «خد بايدي» فصلت بين شادية الفنانة والإنسانة فاطمة شاكر
-------------------------------------------------------------------------


هل كانت حاستها السادسة تقودها باتجاه طريق جديد حال غنت مناجاتها الضارعة المتضرعة للرسول الكريم «خد بايدي» ؟


تلك المناجاة التي كانت نقطة فاصلة بين مرحلتين كبيرتين في حياة فاطمة شاكر او الفنانة شادية التي ملأت الدنيا بصورتها وصوتها وجاوزت بشهرتها كل مدى؟

هل كانت تهفو الى ان تنتزع من عالم الاضواء الى عالم الصفاء عبر من يأخذ بيدها الى طريق الله وايا كانت اسبابها فإن حواسها صدقتها وحملها ايمانها على جناحين ابيضين الى دنيا الله لتغيب عن دنيا البشر التي لا يمكن ان تغيب عنها ابدا رغم اختيارها حياة جديدة هي حياة العبادة الخالصة.

عندما نتوقف امام تجربة شادية في الاعتزال والحجاب وهي في قمة عطائها ونضجها الفني سنكتشف اننا نرسخ تلك الفكرة التي توصلنا اليها عبر القراءة العميقة في حياة شادية الفنانة والانسانة ...
وعبر الكثير من الجلسات والمناقشات مع اولئك الذين اقتربوا منها من نجوم الفن الذين لا يزالون يملأون الساحة فنا...

فكرة (التفرد) في حياة شادية هي كتاب كل ما فيه (فريد) وسيرتها الانسانية هي التميز بعينه هي الشفافية والاحساس والعطاء والحب بلا حدود وهي الحلم الذي لم يتحقق لكنها حققته في كل من حولها من اطفال الدنيا بقطع الشيكولاته التي لم تكن تفارق حقيبتها ولمسة الحنان التي لا تغادر اصابع يديها ونظرة الحنين والحزن الهادئ التي لا تغادر عينيها حتى وان كانت هي التي اضحكت الملايين احيانا واطربتهم كثيرا وامتعتهم دائما لكنها تظل كبلورة لا تعكس ما بداخلها وتنشر الامل بوجهها الهادئ الرقيق.



رحلة الإيمان
-------------


هنا سنعود الى شادية الانسانة التي كانت تختفي كثيرا وراء صورة البنت الشقية المرحة او «المرأة الصابرة» او الأم المعذبة او المطربة الرقيقة او فتاة أحلام الجميع سنعود الى شادية الانسانة رغم انها لا تنفصل ابدا عن شادية الفنانة ورغم ان الفنانة التهمت غالبية سنوات عمر الانسانة التي توارث خلفها وان كان قد احس بها كل من تعامل معها طيلة مشوارها الفني.



لم تكن رحلة شادية في الطريق الجديد الذي اختارته طريق الايمان رحلة سهلة لم يكن الطريق محددا امامها بما يكفي كان والداها يطلبان منها الاعتزال دائما وترك حياة الفن التي شقيت فيها كثيرا وعانت فيها طويلا وذاقت فيها ما ذاقت منذ صباها.

وكانت امها بالذات تلح عليها في الزواج والانجاب والاستقرار مثلها مثل اية فتاة من فتيات الطبقة المتوسطة لكن كل شيء بقضاء ولأنها تعودت دائما ان تختار بنفسها كذلك كانت اللحظة الحاسمة من اختيارها وحدها ايضا فقد جاء وقت قررت ان تتوقف فيه ...فجأة ملت الاضواء ...تعبت من الشهرة... ضاقت ذرعا بمساحيق الجمال... واحدث الموضات...

في يوم لا تنساه، ولا تحب ان تنساه رغم قسوته وشدة ما لاقت فيه من آلام، لأنه ذلك اليوم الحبيب الذي قررت فيه ان تلقي عن كاهلها كل تعب السنين وبريق الشهرة والاضواء لتتفرغ ما بقي لها من حياتها طال بها العمر ام قصر لعبادة الله وحددت نقطة البداية من بيت الله الحرام.






آلام قاسية
------------


ففي احد الأيام وعقب انتهاء عرض مسرحية «ريا وسكينة» في العام 1986 عادت شادية تتقطع من ألم اصابها في صدرها القت بنفسها في احضان امها التي حاولت تهدئتها وازالة الهواجس التي لعبت برأسها ...


وفي ذلك اليوم ايضا نصحتها زميلتها وصديقتها سهير البابلي التي كانت تشاركها بطولة المسرحية بأن تعرض نفسها على طبيب وان تجري فحصا شاملا يطمئنها على صحتها.

في ذلك الوقت كانت شادية بدأت تشكو الآلام واعراض التعب والارهاق اثناء اداء دورها على المسرح وذهبت شادية الى احد المستشفيات لإجراء فحوص ووقتها راجت شائعة حول اصابتها بمرض خبيث في الصدر وانها ادخلت الى غرفة العناية المركزة.

وحقيقة الامر ان شادية عندما دخلت المستشفى لإجراء الفحوص اكتشف الاطباء وجود «كيس دهني» وطلبوا منها ان تخضع لجراحة لاستئصالها وطمأنوها بأنها جراحة بسيطة وفعلا خضعت للجراحة واخذت عينة من الورم وتبين انه ورم حميد ومع ذلك سافرت شادية الى اميركا لمزيد من الاطمئنان.


لماذا سافرت؟
---------------
اثناء وجودها بالمستشفى لاحظت شادية ان بعضا من زملائها وهم كثر الذين زاروها للاطمئنان عليها لم يتمكنوا من كتم مشاعرهم تجاهها وبكوا لأنهم رأوها في فراش المرض وكانت هذه الدموع باعثا على القلق من جديد ولذلك نصحتها شقيقتها الكبرى سعاد بالسفر لإجراء فحوص في مركز تشخيص السرطان في اميركا للاطمئنان بعد الجراحة الدقيقة التي اجريت لها في مصر.


إنذار من السماء
------------------


وكانت تلك فترة عصيبة وقاسية على نفس شادية التي قالت لمن حولها ان ذلك ليس الا انذارا من السماء وسافرت الى اميركا واجرى لها فحصان وظهرت نتيجتهما تؤكد النتائج السابقة في مصر ورغم انها عادت الى حالتها الطبيعية الا انها اعتبرت ما حدث نقطة تحول جذرية في حياتها وفاتحت شقيقتها سعاد برغبتها في الاعتزال والحجاب والتفرغ للعبادة وشجعتها شقيقتها وقالت لها انها هي الاخرى تفكر في الحجاب (هذه هي سعاد التي كانت سبقت شادية الى عالم الفن لكنها لم تستمر).


ونتوقف هنا عند نقطة مهمة اعتبرها البعض كانت سببا في التعجيل بقرار الاعتزال والتحجب عند شادية ذلك انها عندما كانت في اميركا لإجراء الفحوص والتحاليل اطلقت احدى الفنانات من اللاتي اغاظهن نجاحها الكبير شائعة تقول ان شادية (((ماتت))) في مستشفى المقاولون العرب بمدينة نصر (شرق القاهرة) بينما كانت شادية تنعم بأيام من الراحة والاستجمام مع والدتها وشقيقتيها سعاد وعفاف في (جيفرلي هيلز) بمدينة لوس انجلوس في ولاية كاليفورنيا.

وسرت هذه الشائعة سريان النار في الهشيم وتناقلتها الصحف المصرية والعربية ووكالات الانباء وشعرت بها شادية عندما كانت تتجول في بعض المحلات في اميركا للتسوق وقابلت بعض الاسر العربية التي اذهلها ان شادية لم تزل على قيد الحياة.

في العالم الجديد
------------------
ان شادية التي كانت حددت بداية طريقها الجديد ولم تتبين بعد معالمه كان قد وقر في قلبها ومنذ زمن بعيد ان الاعمار بيد الله ولذلك فإنها قالت لمن عبروا لها عن استنكارهم لهذه الشائعة السخيفة «هو فيه حد كبير على الموت كلنا هنموت لن يبقى الا العمل الطيب المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين، وهل هناك افضل من ان يذهب الانسان للقاء ربه والرسول محمد عليه الصلاة والسلام مات، وكل الانبياء ماتوا الملوك والرؤساء ماتوا وبيموتوا ولن يبقى الا وجه ربك الكريم».


لقد أحدثت هذه الشائعة رد فعل قوياً جدا لدرجة ان التلفزيون المصري اجرى لقاء مباشرا مع شادية عبر الهاتف من لوس انجلوس وامر وزير الاعلام صفوت الشريف بإذاعته على القناتين الاولى والثانية لتلفزيون مصر وتكررت اذاعته مرات عدة في ذلك اليوم الذي اعقب سريان الشائعة التي انطلقت في 19 سبتمبر 1986.

وبعدها بأسبوع عادت شادية، وقطعت بعودتها كل ما كان تردد اثناء غيابها وكان في أستقبالها في المطار جماهير مصر في مظاهرة حب لم تر لها مثيل في كل ماحققته من نجاحات في حياتها على مستوى التمثيل أو على مستوى الغناء...واشتركت في احتفالات اكتوبر وحققت نجاحا ضخما ثم اشتركت في حفل الليلة المحمدية في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لتغنى بكل حواسها وتبكي بحرقة وهي تناجي الرسول صلى الله عليه وسلم «خد بايدي» يا نبينا يا محمد يا ختام المرسلين.

وسافرت شادية بعد ذلك الى الاراضي المقدسة لأداء العمرة، واخذت دموعها تسيل في رحاب الحرم المكي الشريف، وفي مسجد الرسول الكريم في المدينة المنورة وهي تطلب الرحمة والمغفرة من رب العالمين، تلك هي كانت اللحظة الفاصلة في حياة شادية وفي بداية مشوارها الجديد في عالم الإيمان بعيدا عن بريق الشهرة الزائف وأضواء الفن.


اللقاء الفاصل
--------------


لقد قيل ما قيل عن اسباب اعتزال شادية قيل انه مرضها وقيل انه بسبب حزنها على وفاة شقيقيها محمد وطاهر ...وقيل انه كان بسبب تلك الشائعة التي سرت حول وفاتها لكن الحقيقة ان القدر كان بدأ يرتب لشادية حياة جديدة ربما اجتمعت هذه العوامل كلها ومهدت للقرار الاصعب والاهم في حياة النجمة صاحبة اغزر انتاج سينمائي وغنائي.


وقد رتب لها القدر ايضا لقاء بمحض الصدفة في اجواء نورانية مع فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، الذي كان موجودا في الاراضي المقدسة لأداء العمرة وقت وجود شادية، وشاء القدر ان تلتقيه ليكتب اول سطر في حياتها الجديدة.


حكاية شادية والشيخ الشعراوي
------------------------------------


إذا كانت شادية اعتزلت الفن راضية بحياتها الجديدة العامرة بنور الايمان، فإنها لم تعتزل الحياة، ولم تتنكر لما قدمت ذلك انها لا تجد في أعمالها ما يخجلها، أو يجعلها تتوارى من نفسها حياء من ظهورها على الشاشة بطريقة غير لائقة.


كان الترمومتر الذي يوجه قرارات شادية ومواقفها خاصة في الفن هو الناس، ولذلك فإنها بعد ان اعتزلت وارتدت الحاجب لم تشأ ان تتنصل من أعمالها، وقال: «يكفيني ان الناس عندما تشاهدني على الشاشة تقول «الله»،و هذا معناه أنني لم أقدم ما أخجل منه».

روى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، قبل وفاته انه التقى الفنانة شادية لقاء عابرا بالصدفة في مكة المكرمة، وكان معه صديقه أحمد أبو شقرة، وكان ينتظر المصعد في الفندق الذي يقيم به، وتصادف وجود شادية في المصعد، ولما رأته قالت: «عمي الشيخ الشعراوي؟! وعرفته بنفسها وقالت انها في عمرة، فرحب بها، وانها سألته: (ربنا يغفر لنا؟)... فرد عليها قائلا «ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وربنا يحب التوابين، وهو لم يسم نفسه تائبا، بل سمى نفسه، تبارك وتعالى التواب، تواب على من يتوب».

لقاء مع الشيخ
----------------


كان هذا اللقاء العابر هو الومضة التي أضاءت عقل شادية وثبتت قلبها على قرار الاعتزال والحجاب الذي اتخذته بنفسها، والواضح انها كانت اقتنعت تماما وانها لم يعد يربطها شيء بالماضي، وانها لو اعتزلت في هذا الوقت فإنها لن تكون نادمة على شيء، وان أهم رصيد خرجت به من حياة الفن هو ذلك الحب الجارف الذي حمله لها الناس،


ويكفي انها عند عودتها من أميركا بعد الزيارة الطويلة لشقيقتها عفاف شاكر، التي انطلقت خلالها شائعة وفاتها، فوجئت بمظاهرة حب تنتظرها في مطار القاهرة تعبيرا عن سعادتها بالعودة سالمة، وفي هذا اليوم بكت شادية فرحا بمشاعر هؤلاء الناس الذين أحاطوها بالحب.

ان ملامح الطريق كانت قد ارتسمت امام شادية عقب عودتها من أميركا، واتفقت مع الشاعرة علية الجعار على ان تكتب لها أغنيتين من الأغاني الدينية لأنها قررت ان يقتصر غناؤها على هذا اللون وحده، وفعلا قدمت أغنية «خد بايدي» التي كانت مناجاة حقيقية تهفو للخلاص، أدتها شادية بدموعها وبكل طاقتها وحواسها.

ثم سافرت شادية بعد ذلك لأداء العمرة، وهناك التقت الشيخ الشعراوي صدفة كما قلنا، ورفضت بأدب جم الظهور في التلفزيون السعودي الذي عرض عليها بعض المسؤولين في اجراء حديث معها فكان جوابها,, انني هنا لست الفنانة شادية، لكنني فاطمة شاكر المواطنة المصرية المسلمة المعتمرة,.

ان هذه الجملة البسطة تلخص الحال التي باتت عليها شادية، لقد عادت الى فاطمة، وطوت تلك الصفحات الكثيرة المليئة بالمشاهد السينمائية والأغنيات.

كانت شادية طلبت اثناء هذه الرحلة من علية الجعار أيضا ان تكتب لها كلمات أغنية جديدة تحث المسلمين على الاتحاد ونبذ الفرقة، وفعلا كتبتها علية الجعار في مكة المكرمة، وعادت شادية واتصلت بالملحن عبدالمنعم البارودي الذي لحن لها «خد بايدي» وبدأت تستعد لغنائها.

ولكن...





في رحاب الله
--------------


عقب عودة شادية من العمرة، شعرت بأن هاجسا يعتريها، يجعلها لا تركز اثناء صلاتها، ولا أثناء قراءتها للقرآن الكريم، وحتى لاتستطيع أن تحفظ كلمات أغنياتها...وفجأة قررت العدول عن فكرة تقديم الأغاني ...حتى الأغاني الدينية، وفي لحظة قررت شادية ان تمضي في حياتها الجديدة، وعن هذه اللحظة قالت شادية في حديث لها بعد الاعتزال:


«هي أتت في ثوان، والظاهر انها تكون في العقل الباطن، تأتي وتذهب، وانا صغيرة كنت أصلي وأتعلم قواعد الدين، والحمد لله، لهذا أقول لا بد للأطفال ان يتعلموا القرآن الكريم وهم صغار، لا أقول يحفظونه كله، انما يقرأونه، هذا نفعني عندما بدأت أصلي مرة أخرى، وذهبت للعمرة من نفسي، وجدتني أريد الذهاب للعمرة، وقبلها كنت أطلب من أي مسافر ان يحضر لي ايشاربات ما اعرفش ليه، برغم اني لم أكن أضعها فوق رأسي هي ولا غيرها.

وتابعت شادية: «المهم عملت آخر أغنية لي «خد بايدي» وقلت سأتجه الى هذا اللون، ووجدت الناس أحبته جدا، وانا قلقة بإحساس حلو قوي، فأحضرت مؤلفين وملحنين وقعدنا نسجل أغاني في «الريكوردر» لأحفظها فوجدتني مش عارفة أحفظ، حتى في الصلاة أقرأ القرآن وعقلي يذهب لحاجات تانية مش عارفة ايه، قلت يا رب أعمل ايه؟

نور اليقين
----------


شادية كانت في مرحلة يمكن ان تسمى مرحلة «القلق المريح» تعرف أنها تسير الى طريقها الجديد براحة واطمئنان، ولكن ما كان ينقصها فقط هو نور اليقين، وأخيرا لمعت الفكرة في رأسها, لقد قررت ان تذهب للقاء الشيخ الشعراوي، لأن لقاءها معه صدفة في مكة المكرمة كان قد أراح صدرها، وفتح امامها الطريق, تقول شادية:


«أخذت بعضي وذهبت لفضيلة الشيخ الشعراوي، وعرفت انه ساكن عند سيدنا الحسين، جريت وركبت سيارتي بعد صلاة الظهر تقريبا، رحت هناك، فوجدت تحت البيت أمن قلت لهم قولوا له ان الفنانة شادية عايزة تقابلك، فالراجل كتر خيره قال خليها تطلع، وطلعت، وقلت: أنا جاية أسألك في حاجة وأمشي، انا بعدما غنيت «خد بايدي» قلت يا رب انا هاغني في حبك انت، وانا دلوقت مش قادرة أحفظ، وعاوزة أتحجب».

في هذا اليوم قال الشيخ الشعراوي لشادية: «انس انك كنت شادية المغنية، فأنت الان سيدة فاضلة عرفت طريق الحق تبارك وتعالى»,, كانت هذه الكلمات هي بداية تحول شادية الحقيقي، ومنذ تلك اللحظة انقطعت صلة شادية تماما بعالم الفن غناء وتمثيلا، وبدأت تقرأ القرآن الكريم بنهم، الى جانب قراءة كتب السيرة النبوية الشريفة والتراث والثقافة الاسلامية عموما.

وداعا للماضي
---------------
كان أول شيء فعلته شادية بعد ذلك ان اتصلت بعلية الجعار وقالت لها انها لن تغني الكلمات التي كتبتها، ولا غيرها، ولن تظهر في عمل فني جديد، وانها من الآن ستتجه الى الله آملة في ان تعوض الكثير مما فاتها، وان تحقق لنفسها السكينة والسلام النفسي.


وتخلصت شادية من كل ما كان يربطها بالماضي، حتى ملابسها وأفلامها وشرائط أغنياتها، واستبدلت بمكتبة قرآنية بناء على نصيحة فضيلة الشيخ الشعراوي، رحمه الله، الذي كانت دائمة الاتصال به، تطلب مشورته في كل أمر من أمورها.

وتعرضت شادية لضغوط كثيرة، وشائعات شرسة في محاولة لاثنائها عن قرار الاعتزال والحجاب، وتلقت عروضا مغرية منها عرض بمليون جنيه للعودة الى المسرح، كما أشيع انها تقاضت مليون دولار مقابل الاعتزال والحجاب.

لكن شادية كانت قد تحولت برضاها من «معبودة الجماهير» الى الانسانة المسلمة الطامعة في مغفرة الله عز وجل،

وكانت في تحولها هذا أشبه برابعة العدوية،

لقد بلغ من حرصها على سلامة ما تفعله أن غيرت رقم هاتفها، ولم تكن ترد على الرجال في التلفون، لكن شيئا فشيئا كانت تجيب على مكالمات المقربين فقط مثل الكاتب الصحافي أحمد رجب والاذاعي وجدي الحكيم، وعدد قليل جدا من زملائها وزميلاتها.

وباتت شادية لا تقدم على خطوة أو عمل، ولا تقدم أو تؤخر قبل الرجوع الى فضيلة الشيخ الشعراوي، الذي كان اذا لم يرض عن أمر من الأمور التي تنوي القيام بها قال لها: «بيني وبينك رسول الله» فتفهم انه غير راض، وبالتالي لا تفعل، وقد حدث ذلك عندما وافقت على تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي العام 1994، ثم عادت واعتذرت ورفضت بعد ان قال لها الشيخ الشعراوي: «بيني وبينك رسول الله».
..
الصورة الحقيقية
-----------------


لقد رسم فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي صورة حقيقية لما كانت تشعر به شادية، وللحال التي كانت عليها عندما حضرت للقائه، فقال: السيدة فاطمة، هذه السيدة التي ظلت طيلة عمرها تغني وتطرب الناس تحولت، وجاءت لتطرب هي طربا آخر، ولكن ليس من صوت رقيق، ولكن من صوت خشن أجش، وهذا له معان كثيرة، المشكلة هي ان يرى الإنسان نور الله، وتهتك الأستار والحجب التي يضعها الشيطان بين الانسان وربه، وأعتقد ان السيدة شادية لو عرفت هذا الطريق من قبل لاتخذته عملا يمسح ما كان في الماضي، اذا ما كان في هذا الماضي شيء».



وحتى لقاء شادية بالشيخ الشعراوي حاول البعض استغلاله، وانطلقت شائعات كثيرة حول الأموال التي يديرها وينفقها من أجل اعتزال الفنانات وارتدائهن الحجاب، وأمور أخرى كثيرة تتعلق بلقاءات الفنانات مع الشيخ، وفي عدد من أحاديثه كان يسأل دائما عن هذه اللقاءات وقال عن شادية انه لم يكن يلتقيها وانما تقتصر اتصالاتها به على الأحاديث التلفونية في أمور الدين، ولكنه يوجهها ويرشدها دائما الى صحيح الدين في حياتها.


المهم ان الشيخ أدرك انه أدى رسالته نحو شادية عندما أتته تطلب مشورته، وبعد ان استقرت نفسه وأطمأنت قال: «شادية الآن سعيدة بإيمانها، وترى انه جعلها تشعر بالاطمئنان واستسلام لقضاء الله وبصبر على الشدائد».


موعد مع السعادة
--------------------
شادية التي أسعدت الملايين بفنها، لم تكن سعيدة بحياة الفن، كانت نفسها تهفو الى الراحة، حققت المجد والشهرة والثراء، لكنها كانت تبحث عن ابتسامة طفل، أو لحظات تخلد فيها الى نفسها، ان تسير في الشارع بحرية، وان تتصرف مثلما يتصرف الناس العاديون في حياتهم، لقد اختزلت شادية حياتها في الفن بجملة بسيطة لكنها تحمل كل ما يمكن ان يقال: لم أجن طيلة حياتي سوى الشك والريبة».



ان شادية عندما تتوقف مع نفسها، وتنظر الى الماضي تقول: «لقد مررت في عمري بالكثير من الآلام، ومساحة الدموع أكبر بكثير من مساحة الابتسامات، والحمد لله، لقد تلقيت كل ما أصابني الله سبحانه وتعالى بعد صبر ورضاء بقضائه وقدره، ولا أستطيع ان أنكر ان استرجاعي لكل هذه الذكريات المؤلمة كان له دور كبير في اختيار حياتي الجديدة من مرضي الشديد ومن وفاة شقيقي محمد وطاهر، ثم مرض ووفاة والدتي، ان حياة الفن لم تعد هي الحياة التي أحلم بها رغم العمر الطويل الذي قضيته فيها، فالسعادة الحقيقية التي كنت أحلم بها لم أجدها في الفن، ولكن وجدتها في القرب من الله سبحانه وتعالى وطاعته».



شادية: أحترم فني وجمهوري وأحـب ذكـريـاتي
---------------------------------------------------


«ولدت من جديد» ثلاث كلمات لخصت بها شادية حالتها بعد ان استقرت على قرار الاعتزال وارتداء الحجاب، لقد شعرت وهي تهبط درج السلم في منزل الشيخ الشعراوي، انها لا تهبط بل ترتقي وتصعد الى عنان السماء.


ان شادية الآن تنسى كل لحظات حياتها بحلوها ومرها، بنجاحاتها ومحطاتها، بمراحل صعودها وتألقها، ولا تتذكر الا لحظة الاهتداء الى الطريق الذي كانت تبحث عنه لكنه كان يتوه بداخلها.

أحدث قرار شادية بالاعتزال وارتداء الحجاب ردود فعل شديدة التباين في أوساط أصدقائها والمقربين منها، وهناك قلة تأثرت مصالحهم بانسحاب شادية من الساحة فصبوا عليها نيران غضبهم وهجومهم الشرس وثاروا عليها ثورة عنيفة.


أحترم فني
-----------


هناك أيضا المعجبون بصوت شادية وصورتها، هاجم بعضهم قرارها على أساس انه سيحرمهم منها، وكثيرون حاولوا بشتى الطرق اثناءها عن هذا القرار، لكن وأمام اصرارها تفهم الناس أخيرا رغبتها، وان من حقها ان تتخذ القرار المناسب لها شأنها شأن أي انسان له الحق في ان يعتزل ما لا يريد الاستمرار فيه، وله الحق أيضا في ان يختار الطريق الذي يسير فيه.



ومع ان شادية اعتزلت العمل الفني تمثيلا وغناء الا انها والى الآن لا تزال تحترم فنها، وذكرياتها، وتقول:

«أنا من نفسي ذهبت لفضيلة الشيخ الشعراوي، واتخذت القرار بالاعتزال والحجاب، وفي الوقت نفسه أنا احترم فني وأحب ذكرياتي وأفلامي التي أراها الآن أرى فيها ذكريات حلوة، ازاي كنت عيلة وبامثل، فيه أفلام حلوة تعجبني، وفيه أفلام مش فاكراها».


وتتابع: «هذه ذكريات حلوة، والحمد لله اني قضيت حياتي في شغل وعمل مفيد، أفلام تعطي للناس نصيحة، ويكفي عندما اسمعهم يقولون «الله» يعني ما قدمته لم يضايق أي انسان، والدليل انني عندما أنزل الشارع الناس تجري الي وأشعر بأنهم أقاربي وان الشارع المصري ده بيتي، حب الناس نعمة من ربنا أعطاها لي، فكيف أشتم فني، في هذه الحالة أكون حقودة أنا أقول ان الدنيا مليئة بأشكال وألوان من الأعمال، وكل واحد يعمل، المهم ان يعمل بإخلاص، العمل عبادة، وانا كنت أعمل بكفاح والحمد لله».


عطاء في الخير
----------------


بعد اعتزالها في العام 1986 من دون ضجة، أو مقدمات لتصبح «ثاني فنانة تعتزل بعد شمس البارودي»، وأول نجمة مطربة وممثلة ذات جمهور ضخم تترك عالمها الى دنيا الله، اتجهت شادية بحواسها جميعا الى عمل الخير عن صفاء روحي واقتناع، وبلا ضغوط.


كان لدى شادية شقة كبيرة من ثماني غرف في بناية بحي المهندسين تواجه مسجد الدكتور مصطفى محمود، وكان يقدر ثمنها في هذا الوقت بربع مليون جنيه، فتبرعت بها شادية للمسجد لإنشاء مركز للاكتشاف المبكر للسرطان، وعلاج المرضى غير القادرين مجانا.

ان شادية التي عانت نفسيا بسبب الاصابة بورم حميد في الصدر، وتألمت، وذاقت طعم القلق والخوف، أرادت ان تمسح كل هذه المشاعر عن نفوس الناس فتبرعت بالشقة لتكون مركزا طبيا للاكتشاف المبكر للأورام.

وكان لدى شادية أيضا قطعة أرض في منطقة الهرم اشترتها في سنوات مبكرة من عملها في السينما مع صديقتها مريم فخر الدين وأقامت فوق جزء منها شاليها خاصا، وكانت قبل اعتزالها بدأت اقامة الطابق الثاني من الشاليه، فأوقفت البناء وأنشأت بدلا عن الشاليه مسجدا ووحدة صحية، ومركزا لتحفيظ القرآن، وأطلقت على هذا المجمع اسم مسجد الرحمن وتحرص على الذهاب اليه كلما شعرت بالضيق أو الوحدة، لأنها تجد هناك راحتها النفسية والهدوء والاطمئنان.


لقد بات القرآن الكريم يحتل المرتبة الأولى في اهتمامات شادية ولذلك فإنها اهتمت بأن يكون في المسجد مركز لتحفيظ القرآن، وتقول شادية:

«كلنا مؤمنون والحمد لله، انما انا في فترة ما وجدت طريقي بالشكل الذي اخترته، جسمي كان يحتاج الى هذا وعقلي وإحساسي ونفسي وأنا مرتاحة هكذا، أقول ذلك بعد الاعتزال، ولكن لا يمكن ان أفتي في أمور الدين».


وعن قصتها مع حفظ القرآن الكريم تقول:
<<ان مانفعني في هذا انني عندما كنت صغيرة في انشاص, كان هناك استاذ اسمه منصور يعلمنا قراءة القرآن الكريم وتجويده, وهكذا بدأت بالسورالصغيرة ثم تدرجت قراءة وحفظاً والحقيقية انها حاجة تشرح الصدر وانا زمان كنت اخاف ان انام وحدي ليلاً والان انتظر قدوم الليل لاختلي الى الله سبحانه وتعالى واول آية جذبتني في القرآن هي: ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم) زمان كنا نسمع كلمة موت نخاف الان لا كل اية مااقوله اوعدني يارب بالجنة وكل ما اتمناه ان اشوف وجهه الكريم سبحانه وتعالى>> .


ربنا يتقبل من شادية ومنا جميعاً



حكايتها مع المسجد
----------------------


ان حكاية شادية مع المساجد بدأت منذ طفولتها، أحبتها وتعلقت بها،


وما حدث انها بنت المسجد والمركز الاسلامي في الهرم من دون ان تخبر أحدا، وقد بررت شادية ذلك فيا بعد بأنها اعتادت، طيلة عمرها، ومنذ صغرها ان تسير بإحساسها كلما ألح عليها شيء،

فعلت ذلك في كل أمور حياتها، عندما توقفت عن الغناء وعندما عادت اليه، وعندما اتخذت قرارها بالاعتزال، وهكذا ايضا اتخذت قرارها بهدم الشاليه واقامة المسجد والمركز الاسلامي والطبي على أرضها بالهرم.

ومن الطبيعي ان في حياة كل إنسان أسرارا يفضل الاحتفاظ بها، وربما كشف عنها في وقت ما كيفما شاء وقد كانت ملابسات قرار اعتزالها سرا كشفت عنه شادية فيما بعد، ومن بين ما كشفت عنه انها منذ بدء عرض مسرحية «ريا وسكينة»، وجدت نفسها قبل ان تتوجه الى المسرح في أول يوم تصلي ركعتين لله، ذلك انها لم تقف على خشبة المسرح من قبل، رغم مشوارها الطويل في الفن الذي اكملت فيه 36 عاما قبل ان تقف على خشبة المسرح.
وقد جاء استقبال الجمهور لها حافلا في المسرحية، وحتى عندما أحست بالألم عقب عودتها من المسرح واستيقظت والدتها على صوت انينها، استمرت على هذه الحال حتى أذان الفجر، فقامت الى الصلاة، وبعدها سرت السكينة الى جسدها، وهدأت واستراحت، ولذلك أخبرت منتجي المسرحية بأنها ستتوقف، لكن طلبوا منها ان تمهلهم أياما.


وفي هذا الوقت شاءت إرادة الله ان يرحل شقيقها طاهر، ونصحها اصدقاؤها والمقربون منها بإغراق نفسه في العمل حتى تنسى، وكان ذلك فعلا لكنها في كل ليلة كانت تعود الى بيتها لتغرق نفسها في الدموع، ثم تقوم لقراءة القرآن والصلاة انتظارا للموعد الجميل، «صلاة الفجر»،

وكانت أمها تسألها لماذا البكاء، فلا تجيب، وذات ليلة استحلفتها أمها بالله أن تخبرها عن سبب بكائها، فأجابتها بجملة واحدة «عايزة أحج»، فضمتها أمها الى صدرها وهي تبكي داعية الله «يا رب أحج وأزور بيتك»,,, وتحققت لها الأمنية بعد ذلك عندما ذهبت لأداء العمرة، ثم الحج.


مميزات وحدود
----------------


ومن أهم مميزات شادية انها دائما تعرف حدودها وتقف عندها، وهذا ما كان يفسره البعض في ظاهره على أنه ذكاء، أو ربما دهاء، لكن شادية عندما كانت تعمل استطاعت ان تكتسب محبة الجميع بتلقائية وعفوية كاملتين، وعندما اعتزلت لم تفعل مثلما فعل بعض المعتزلات، اللاتي اعتقدن ان مجرد اعتزالهن وارتدائهن الحجاب يعطي لهن الحق في الافتاء.


دائما كانت تضع شادية نفسها في مكانها الطبيعي، لا تدعي انها تعلم ما لا يعلمه الآخرون، أو تحاول القفز على مراحل عمرها، أو اخفائها، وحتى بعد الاعتزال كان نظرتها للفن تنطلق من فلسفة خاصة، عندما قال البعض اذا كانت قد اعتزلت فلماذا لم توقف عرض أعمالها، ووجه اليها البعض هذا السؤال، فكان ردها منطقيا جدا، لقد اعتبرت ان الفن حماها من أشياء كثيرة جدا كان يمكن ان تضرها، لا سيما في سن المراهقة، التي تكون فترة مغامرات، اما هي فكانت هذه الفترة بالنسبة لها فترة عمل، تخرج من بلاتوه السينما لتدخل ستديو التسجيل من أجل أغنية جديدة، وان لم يكن غناء فتمثيل للاذاعة، وان لم تكن الاذاعة فالمسرح، صارت الاستديوهات هي بيتها الحقيقي في تلك الفترة، ولذلك فإنها تحب فنها ولا تنكره.

هذه هي شادية بوفائها الجميل، وبصفاتها الانسانية الرائعة، لا تحب الزيف ولا الخداع، وبعيدة دائما عن الادعاءات الكاذبة، مخلصة دائما لما تعمل، ولذلك نجحت كفنانة، وصارت بعد ذلك نموذجا للعابدة المنقطعة لطاعة ربها.

هل كان كثيراً على شادية أن تنعم باعتزالها وحجابها، واحتجابها؟


لماذا رأى البعض أنها أجرمت في حق تاريخها وحق جمهورها عندما اعتذرت عن عدم حضور حفل تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي في العام 1994؟

ولماذا يصر البعض على النبش في أدق خصوصيات الناس؟

لماذا حاول البعض اقتحام الحياة الجديدة لشادية؟

لماذا هاجموها لموقفها من المهرجان؟

وهل لو كانت أخرى فعلت ذلك كانت تعرضت لهذا القدر الكبير من الهجوم؟ أم لأنها شادية، ولأنها اعتزلت، ولأنها تحجبت؟!


إن حب شادية كان راسخاً في قلوب زملائها قبل قلوب عشاق فنها وجمهورها الواسع الممتد من طول مصر وعرضها وباتساع الوطن العربي كله، لقد دفع هذا الحب نجمتان من جيل شادية إلى المطالبة بتكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي.


فقد كرم المهرجان في العام 1992 الفنانة ماجدة، ثم كرم العام 1993 الفنانة هند رستم، وكلتاهما طالبت بأن يتم تكريم شادية، وكلتاهما تمنت لو كانت كرمت شادية قبلهما، ثم توالت النداءات، فقرر سعدالدين وهبة رئيس المهرجان تكريمها في دورة المهرجان في العام 1994 بعد اعتزالها بسبع سنوات.


ثورة ضد شادية
----------------


والحقيقة ان شادية نفسها ساهمت في الثورة التي انفجرت ضدها، باعلانها موافقتها على تكريمها، بل وسعادتها لأنهم تذكروها، ثم فجأة اختفاؤها وعدم حضورها المهرجان، فتعرضت لحملة انتقادات حادة، واتهامات بأنها أساءت لتاريخها وللجمهور الذي أحبها.


لكن الحقيقة ان شادية كانت وافقت من دون أن ترجع إلى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، التي كانت تستشيره في كل صغيرة وكبيرة بعد اعتزالها، وعندما علم بالخبر، واتصلت به تستشيره ، فقال لها «بيني وبينك رسول الله»، وهذه الجملة كانت تعني عندما يقولها لها انه غير راض عن الأمر،

وقد أكدت هذا لصديقتها الفنانة المعتزلة مديحة كامل، قبل رحيلها، عندما اتصلت بها وسألتها عن هذا الموضوع، فقالت لها إن الشيخ الشعراوي غير راض عن هذا الأمر، ولذلك فلن أذهب.

ولم يكن هذا الأمر عُرفا لإدارة المهرجان أو للصحافيين والفنانين الذين انبروا للهجوم على شادية لرفضها تكريم الدولة لها عبر مهرجان القاهرة السينمائي الذي يخضع لوزارة الثقافة.


مفاجأة شادية
---------------


لقد كانت شادية فرحة جداً بتكريمها بدليل أنها طلبت12 دعوة لعدد من أقاربها ليتمكنوا من حضور حفل افتتاح المهرجان الذي كان سيكرمها في دورته الثامنة عشرة، والذي كانت تربطها برئيسه الكاتب الراحل سعدالدين وهبة علاقة قوية كونها تعاملت معه من قبل عندما كتب لها فيلم «مراتي مدير عام» الذي قامت ببطولته مع صلاح ذوالفقار، وأيضاً عندما كتب لها سيناريو فيلم «زقاق المدق» عن قصة الكاتب الكبير نجيب محفوظ.


إن سعد الدين وهبة نفسه اعتبر موافقة شادية على حضور تكريمها في افتتاح المهرجان مفاجأة لم يكن يتوقعها خصوصاً بعد أن كان ينوي تكريمها في الدورة السابعة عشرة، وكلف إحدى زميلاتها بالاتصال بها، لكنها عادت وأخبرته بأن اعتزال شادية نهائي وانها لن توافق على التكريم الذي يقتضي منها حضور الحفل ومواجهة الجمهور والأضواء.

صدق رئيس المهرجان هذه الفنانة، لكنه في العام التالي قرر الاتصال بشادية مباشرة لمعرفة رأيها، لكنها لم توافق في البداية، وظل بها حتى أقنعها على اعتبار انها كانت الفنانة الوحيدة التي لم تتنكر لفنها بعد الاعتزال، وظلت تكن كل احترام لفنها وجمهورها.

ولكن ماذا حدث؟
..




تكريم متأخر
--------------


الحقيقة أن شادية عبرت في البداية عن غضب جاد في ثوب العتاب لتأخر المهرجان في تكريمها، لكنها وبعد أن تحدثت مع رئيس المهرجان، الذي كان في الوقت نفسه زوجاً لواحدة من أعز صديقاتها هي الفنانة سميحة أيوب، عادت وأعلنت أن الدولة لا يمكنها أن تكرم كل الفنانين في عام واحد، وعبرت عن سعادتها وفخرها بأن يتذكرها المهرجان بعد كل هذه السنوات من اعتزالها، وانها تحب جمهورها، وسعيدة بحب الناس لها.


لقد فاجأت شادية إدارة المهرجان بعد ذلك بموقف قلب الأمور رأساً على عقب، فخلال اتصالات إدارة المهرجان بمنزلها قبل أيام من انعقاد المهرجان اختفت شادية تماماً، ولم يتمكن أحد من الوصول إليها، وعندما أرسلت لها الدعوات التي طلبتها لبعض أقاربها وأصدقائها رفضت سيدة في منزلها استلامها مؤكدة أنها ليست لديها أوامر باستلام أي شيء، والشيء نفسه فعله مدير أعمالها محمد حافظ.

وقبل موعد المهرجان بيومين، والذي كان مقرراً عقده في 25 نوفمبر العام 1994، جرت اتصالات مكثفة في محاولة لاستيضاح موقف شادية، أو حتى معرفة مكانها، لكنها كانت اختفت تماماً.
وقد تأكد عدم حضور شادية في هذا اليوم عندما جرى اتصال بين سعدالدين وهبة ومدير أعمالها محمد حافظ، والذي كان يعمل في الوقت نفسه في فرقة الفنانين المتحدين، والذي طلب من سعدالدين وهبة أن يسمح له بالحضور إلى مكتبه لابلاغه رسالة من شادية، وبالطبع كان يجب أن تكون هذه رسالة اعتذار.


استغاثة لا اعتذار
-------------------
لقد فوجئ سعدالدين وهبة بمدير أعمال شادية يقول له «إن شادية تقول لك إنك وقفت معها كثيراً قبل ذلك، وترجوك أن تقف معها هذه المرة لانها لن تحضر الحفل»، وعبر سعدالدين وهبه عن تقديره لموقف شادية، لكنه اعتبر ان شادية لم تعتذر بل ناشدته أن يساعدها على عدم حضور الحفل، فأدرك أنها في موقف لا تحسد عليه، وانها بحاجة لمن يقف بجانبها ويساعدها.
ولذلك فإن سعدالدين وهبة قرر أن يكتب نداء ويسلمه لمدير أعمالها علها تغير موقفها بعد قراءته، لأنه لن يعتبر الموضوع منتهياً عند هذا الحد إلا بعد أن يعرض عليها النداء فربما تعدل عن موقفها بعد قراءته، ولا يحتاج الأمر نشره بالصحف.



لكن حدث بعد ذلك أن مرض سعدالدين وهبه، وطلب منه الطبيب أن يدخل المستشفى، وبعد أن أجري له الفحوص تبين اصابته بنزلة شعبية وطلب منه أن يلزم البيت، ولم يتسن أن يجري اتصال بعد ذلك بين محمد حافظ وسعدالدين وهبه حتى يعرف موقف شادية، لكن محمد حافظ كان قد أجرى اتصالاً بمكتب سعدالدين وهبة أثناء وجوده في المستشفى، وتأجل نشر النداء بسبب ظروف مرضه إلى يوم الاثنين 28 نوفمبر أي قبل موعد المهرجان بيوم واحد.


لقد ربط بعض الناس في ذلك اليوم بين غياب شادية وموقفها، وبين مرض سعدالدين وهبة، الذي لم يجد أمامه إلا نشر النداء في الصحف لعل شادية تغير موقفها في اللحظات الأخيرة وتحضر تكريمها في افتتاح المهرجان، لكن شادية كانت اتخذت قرارها بمحض ارادتها ولم يكن هناك مجال للتراجع.

وأقيم المهرجان، ولم تحضر شادية، ولم يتسلم أحد جائزتها بدلاً عنها، لانها لم تعتذر رسمياً عن عدم الحضور، ولم تبلغ بمرضها، أو بأي سبب آخر يمنعها من الحضور، لكن شادية لم تظهر بعد ذلك، ولم تسأل عن الجائزة، بل إنها غيرت رقم هاتفها من جديد لتغلق الباب تماماً أمام المهرجان وتكريمها والشائعات الكثيرة التي صاحبت غيابها.

تفسيرات وتأويلات
--------------------


دفع موقف شادية الكثيرين للتفسير والتأويل واختراع الأسباب، فقد قال البعض إن الأمر كان يمكن أن يسير في خطه الطبيعي لو التكثيف الشديد في الحديث عن شادية وعرض أعمالها في وسائل الاعلام المصرية والعربية قبل المهرجان، وكأنها لم تحتجب أو تترك الساحة، مما أقلقها البعض، وربما أقلقها هي نفسها.



كما اعتبر البعض حديث سعدالدين وهبة عن علاقته بشادية من خلال فيلمها «زقاق المدق» الذي كتبه نجيب محفوظ، وتخصيصه جائزة باسم نجيب محفوظ، واقعاً جديداً تم من خلاله الربط بين شادية كفنانة محتجبة ونجيب محفوظ بمواقفه المعروفة، بالاضافة إلى الاعلان عن رئاسة المخرج يوسف شاهين القسم الخاص بجائزة نجيب محفوظ، مع ما هو معروف عن مواقف يوسف شاهين وخلافه الشديد ومشاكله مع الأزهر الشريف بسبب فيلم «المهاجر» الذي ثارت ضجة كبيرة حوله في ذلك الوقت، حيث ساهم كل ذلك في تعقيد الموقف.


لكن الجميع يؤكد أن كل ذلك كان يمكن أن يمر لو لم يقطع الشيخ الشعراوي الطريق عندما اتصلت به شادية عليه أمر مشاركتها في المهرجان، وسألته عما إذا كان يمكن أن تذهب أم لا فقال لها «بيني وبينك رسول الله» ثلاث مرات، ثم أغلق الهاتف، فاختفت شادية هذه المرة وقيل إنها سافرت إلى الغردقة، وقيل إنها ذهبت لأداء العمرة مرة ثانية، لكن كثيراً من زملائها رأوا أن من حقها أن تختار ما تريد ومن حقها أن تظهر أو لا تظهر حيثما تريد.




كلمة أخيرة
-------------


قيل الكثير والكثير,,, لكن شادية تظل دائماً تسكن القلوب، ورغم اختفائها واحتجابها عن الجميع تبقى صورتها في خيال كل مصري وعربي، تلك الشقية الدلوعة، المطربة المحبوبة، الإنسانة الرقيقة، تبقى شادية كل ذلك، تبقى كما أرادت أن تكون هي، وأن تكون صورتها لدى جمهورها الكبير الذي عشقها في كل حالاتها,,, لتبقى شادية حبيبة إلى كل القلوب، لتبقى ابنة لكل شعب مصر ولكل العرب,,, معبودة للجماهير,,, فنظرة من وراء ستائرك الحرير,,, يا لحن الوفاء,,, وياقطرة الندى في بحر الحب.



دمتم بكل الحب والمودة



 
التعديل الأخير تم بواسطة أبتسامة أمل ; 06-11-2011 الساعة 01:24 PM

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
..., ...., ....., ......, ......., ........, ........., ............, ..ولكن, لماذا, ألبوم, مميز, لمسات, لمسابقة, للزواج, للفنان, ممنوع, للقم, ممكن, مالك, ماذا, لاربع, لازم, ماشي, لاول, لانه, لتجد, أثناء, ليلة, محمد, لجميع, ليله, أحترم, أيها, مرات, أراد, مراهقة, أروع, أسماء, مسلسل, مساحيق, مشاه, مشاكل, مصعد, لشعر, لعام, لعبه, أغرب, مواقف, موجه, موجهة, منها, موضوع, منطقي, أطفال, مكان, مكتب, مكتبة, أكثر, لكنه, الأم, الملايين, الملح, الما, اللي, الآخرين, المرأة, المراه, الأرض, المسلسل, الله, الموضوع, الام, الاي, الاحلام, الايام, الاخر, الاسم, الاسماء, الان, الاول, الانتقام, الذي, الثالث, الثامن, التي, البعض, البنات, البنت, اليل, الحمد لله, الحب, الحب), الحبيب, اليد, الحياة, الجديد, الخير, الجيش, الدين, الحزن, الدعوة, الحــــب, الين, الجنة, الدورة, امرأة, الرابع, الصلاة, السابع, السادس, الصادقة, الشاعر, الشباب, الصداقة, الصديق, الشيطان, السر, السؤال, الزواج, الزوج, العمل, العلاج, العالم, العاب, العربية, العسل, العشرين, الفجر, الفرق, الفنانة, امها, الولد, الواحد, الناس, الواقع, النت, النبي, الوفي, النهايه, النوم, الوقت, القلب, القمر, القلوب, القدر, القدس, الكل, الكبرى, اجمل, احلى, ايام, اختار, ادخل, احدث, ادراك, احساس, اربعة, اروع, استاذ, اسرار, اسرع, اصعب, اغاني, اغنية, افضل, ائمة, انتقام, اضرب, اقوى, اكتر, ثلاثة, ثلاثي, بأسبوع, تلقائي, بالبناية, بالك, باسم, تبحث, تدليل, تخلو, تجارب, تحافظ, تحاول, تختار, تدخل, تحدي, تخسر, تريد, برنامج, تصبح, بسيط, تصرفات, بشهر, بصوت, تعلم, تعيش, بعين, بعنوان, تفعل, تفهم, تفكير, تفكر, تهديد, بنات, تنتهي, توقع, بطريقة, بطولة, تقرا, بقوة, بكاء, تكتب, تكون, جميع, جلسات, خمسة, دمها, دموع, حلوه, يمكن, حامل, يابا, حاول, خاطره, حبيبي, جبين, يتوقعه, يبقى, يدخل, جديد, جديدة, يجعل, دخول, يخطر, دروس, حركات, حسني, دعاء, دعوة, يعني, خفيف, دولة, خطوبة, دقيقة, حقيقية, يقول, يكتبها, رسميا, رسائل, روائع, رؤية, سألت, سالت, شابة, سابق, صادف, سارق, شائعة, شباب, شجاع, سيدة, صحيح, صغيرة, صفات, شفاف, شفتي, سؤال, زواج, صناعة, زوجته, زوجية, صور.., صورة, صوره, سقطت, شكري, عملاق, عمار, عليه, عليهم, عيني, عجوز, عربي, غرفة, عناء, عندما, عودة, عنوان, فأجابت, فلسطين, فارس, فتاة, فيلم, فيات, فيها, فــي, فندق, فقدت, هكذا, ولادة, ولها, ولكن, والسلام, والشباب, واحد, واحدة, واسرع, وانت, وتمضي, نتحار, نجاة, وحدة, وجها, نجوم, وسلم, نزار, نصائح, وصية, نفسي, نهاية, نقول, نقطة, طلبه, طبيعي, طريفة, طريق, طريقة, طريقه, قلبي, قليل, قادر, قباني, قيمة, قدها, قصته, قطرة, قطعة, كلمات, كلمة, كلام, كامل, كائن, كتاب, كتير


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الهاكرز يحذرون الجميع بخطوتهم الكبيرة غدا نديم الروح حصريات 0 07-12-2011 02:11 PM
وفاة الفنانة الكبيرة سعاد محمد نديم الروح حصريات 0 07-06-2011 04:11 AM
صور الفنانة مشاعل من كلييب حنين 2011 ابن سـوريا حصريات 0 06-09-2011 06:13 PM

تصميم و وتركيب انكسار ديزاين

الساعة الآن 03:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ , ولا تعبّر بأي شكل من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى