عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-16-2011, 07:58 PM
خيوط الوهم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 836
 تاريخ التسجيل : Jan 2011
 فترة الأقامة : 4876 يوم
 أخر زيارة : 11-05-2013 (10:52 PM)
 المشاركات : 581 [ + ]
 التقييم : 531
 معدل التقييم : خيوط الوهم is a glorious beacon of lightخيوط الوهم is a glorious beacon of lightخيوط الوهم is a glorious beacon of lightخيوط الوهم is a glorious beacon of lightخيوط الوهم is a glorious beacon of lightخيوط الوهم is a glorious beacon of light
بيانات اضافيه [ + ]
عدد الترشيحات : 0
عدد المواضيع المرشحة : 0
عدد مرات الفوز : 0
شكراً: 2
تم شكره 44 مرة في 35 مشاركة
افتراضي الحمد لله اني لم امت





مهما فهلنا لابد من الفراق والوداع اتي لامحاله
اما ان يرحل الحبيب او نرحل نحن
الموت يحفو بنا من الجهات الست
فإما رحيل بحب او رحيل بعشق غدا ياتي ويصبح ماضي
وكم من غريب وهو في دياره وكم من قريب وهو تحت الثرى
عندما يصبح المكان والزمان بعدا واحدا بعدها نقول لا رحيل بعد اليوم
احزنني الفراق وحتى القول ولو كان مزحا
أحست بالبرد يلسع رقبتها و يفرك روحها الناعمة حتى غمر كل جسدها. ارتعشت و هي تلملم المعطف على جسدها النحيل المندس تحت اللباس الشتوي اسود اللون. دنت من سور المقبرة الأبيض رويدا رويدا و انبسط الحائط طويلا جدا حد الغياب لا حياة تستيقظ على جدرانه ... هو الصراط الممتد في عبثيته القاتمة. امتداد لمكان سرمدي التفاصيل. مكان دقيق ينحت لكل قادم جديد تفاصيل أخرى لم يتعودها. تلعثمت خطواتها و اختل توازنها و هي تفكر في النائمين خلف هذا الحائط تاركين انفسهم للصمت و الظلام مستسلمين دون إرادة لحبات الرمل تخنق أنفاسهم و للدود الأبيض يزاحم تعرجات أجسادهم .



مرت بتأن تام حذو المستطيلات البيضاء و قرأت الشواهد المنتصبة في تزاحمها الرهيب.
"هنا يرقد قبر المرحوم المغفور له 000000000"
"ولد في17 ماي1967 و توفي في 12 جويلية2001"
"هذا ضريح المرحومة 000000000ولدت في... و توفيت في.... "
"إن لله و ا ن إليه راجعون.... "
"يا أيتها النفس المطمئنة... "
"هذا قبر الفقيد.... "
"هذا ضريح سالم..... "
"هنا... هذا ... المرحوم .... انتقل.... .. "
غشاها الدوار و هي تفتت بصرها تجاه كل القبور تقرا كل ما يقع فريسة بصرها.
منهكة بهذا الكم الوفير من الموت وصلت إلى قبره. مرهقة نفسها كانت تبغي الجلوس. تعبة جدا كانت تجر خلفها و وجعها و هذه القبور الصامتة تجتثها من نفسها. عرق بارد يتكور عند جبينها و عنقها و ينزل سريعا منسابا مع تعرجات جسدها فترتعد. تجلس في حضرة الميت المنسي فيواجهها قبره مقشرا تنكشف من تحت بياض الجير رمادية الاسمنت في حيادية تامة. لا شاهدة على الرمس... ميت مجهول يقطن هذا المنزل الجديد في مدينة الموت و لا احد يعرفه سواي.
تهالكت على الجانب الأيمن من القبر . تناثرت الآيات التي لا تحفظ جلها من فمها جالبة له الرحمة و الغفران.
كانت الشجرة تلقي بضلالها إليها و تحرمها من و صول أشعة الشمس المنحلة أصلا. . مثخنة جراحها به و بالرحيل المباغت فيسرقها صمت المكان و تنسى أنها جاءت كي تحدثه عنها و عن التعب الذي يهرق من كأسه على أيامها.
- "لم نزره أبدا منذ دفناه هناك. هو أصلا لم يكن يحب الزيارات الكثيرة و المرتبة. . "
هكذا أجابتها 0000000 منذ ما يزيد عن الأسبوع عندما سألتها :
- هل مازال الأصدقاء يتذكرون هذا الميت اليتيم؟؟
- "و من يتذكر الأموات أصلا"
هالها منظر القبر الممزق إلى أشلاء و من الدهن الأبيض المفتت و رأت كهوف النمل تتفجر عند جنبات المستطيل الممتد يقول كلماته ثم ينطلق في غناء منكسر
"ريحه البلاد يابا ورد و ياسمين يابا يابا
ريحة البلاد يا خويا اغلى من العين
ريحة البلاد ما الطفها ما نشبع منها يوم
و قليل من يعرفها كان للي عاش محروم"
.
جذبتها الأفكار و الذكريات إلى الماضي الذي لن يتكرر وسرحت ببصرها بعيدا نحو الطريق المتعرجة التي سلكتها منذ قليل.
كان شبح امرأة يظهر من بعيد يسير متعثرا في السفساري المصفر يصارع قفة بلاستيكية. تتوقف المرأة بعد خطوات قليلة و تجذب إلى صدرها أنفاسا مهزوزة ثم بطرف اللحاف تمسح قطرات من العرق استدارت و نضجت على جبنيها. نحتت المرأة طريقها نحو المكان الذي تقصده و باتت تقترب شيئا فشيئا منها حتى توقفت بجانبها تماما . سحبت المرأة نفسا عميقا و مررت كفها على جبينها الغارق في السائل المالح اللزج و قالت :
- "رحمك الله يا ولدي... "
راحت العجوز تحدث ابنها الميت عن حالها و تسأله عن حاله و تطمئنه أنها لا تنتظر من الدنيا شيئا و انه الآن اقترب اللقاء و لم يعد هناك الكثير..
بدأت الأشياء تتداخل في مخيلتها و انزاح الوضوح ليرميها في عالم من التو هان..
-
استدارت الفتاة و فتت بصرها فوق البياض الممتد نحو كل الاتجاهات و خمنت أن الحل هو الخروج . ستبحث بين القبور جميعها. ستقرأ الآيات عند كل شاهدة و ستفكر في النائمين خلف الحائط.



 توقيع : خيوط الوهم

تعلم من تجارب الأخرين

رد مع اقتباس